رجال الصحيح، غير شيخيه، فالأول من أفراده وأبي داود، والثاني من أفراده. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعي، وفيه جابر - رضي اللَّه عنه - من المكثرين السبعة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ جَابِرٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه (قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَقُفنَا خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، وَالْعَدُوْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ) جملة في محل نصب على الحال، وفي الرواية التالية تعيين المحلّ، حيث قال: "كنا مع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بنخل"، وفي رواية لمسلم تعيين القوم الذين حاربوهم، ولفظها: "غزونا مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - قوما من جهينة، فقاتلونا قتالاً شديدًا، فلما صلينا الظهر قال المشركون: لو مِلْنا عليهم مَيْلَة لاقتطعناهم، فأخبر جبريل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فذكر ذلك لنا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، قال: وقالوا: إنه ستأتيهم صلاة، هي أحبّ إليهم من الأولاد، فلما حضرت العصر، قال: صفنا صفّين، والمشركون بيننا وبين القبلة ... " الحديث (فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي للتحريم (وَكَبَّرْنَا) زاد مسلم: "جميعًا" أي كبر الصفّان معه - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَرَكَعَ) ولمسلم "ثم ركع" أي بعد القراءة (وَرَكَعْنَا، وَرَفَعَ، وَرَفَعْنَا، فَلَمَّا انْحَدَرَ لِلسُّجُودِ) أي هبط وخرّ لأجل السجود، والمعنى: فلما أراد السجود (سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، والَّذِينَ يَلُونَهُ) أي الصحابة الذين يلون النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَقَامَ الصَّفُّ الثَّاني) أي بقي الصفّ المؤخّر الذي يحرس (حِينَ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) ولفظ "الكبرى" "حتى رفع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - "، بـ"حتّى" بدل "حين"، وهو أوضح، وأما "حين" فتحتاج إلى تقدير، أي انتهى قيامهم حين رفع إلخ.
(وَالصَّفُّ الَّذِينَ يَلُونَهُ) الموصول صفة لصفّ؛ لأنه عبارة عن الجماعة الذين وقفو متساوين (ثُمَّ سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي) أي الذي كان يحرس (حِينَ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - فِي أَمْكِنَتِهِمْ) متعلّق بـ "سجد"، أي سجدوا في المحل الذي وقفوا فيه (ثُمَّ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الَّذِينَ كَانُوا يَلُونَ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وهم الذين سجدوا معه في الركعة الأولى (وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الآخَرُ، فَقَامُوا فِي مَقَامِهِمْ) أي في مقام الصفّ الأول (وَقَامَ هَؤُلاَءِ فِي مَقَامِ الآخَرِينَ قِيَامًا) أي قام الصفّ الثاني في مقام الصفّ الأول، ليستووا في القيام خلفه - صلى اللَّه عليه وسلم - في الركعة الثانية.
قيل: الحكمة في التقدّم والتأخّر حِيَازة فضيلة المعيّة في الركعة الثانية، جبرّا لما فاتهم من المعيّة في الركعة الأولى (?).
(وَرَكَعَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي بعد أن قرأ (وَرَكَعْنَا) معه (ثُمَّ رَفَعَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - رأسه من الركوع