وجهه. وعن شعبة، عن أبي مسلمة -هو سعيد بن يزيد- عن أبي نضرة، عن جابر بن غُراب (?) كنا مصافّي العدوّ بفارس، ووجوهنا إلى المشرق، فقال هرم بن حيّان: ليركع كل إنسان منكم ركعة تحت جُنّته، حيث كان وجهه. وعن عبد الرحمن بن مهديّ، عن شعبة، قال: سألت الحكم بن عُتيبة، وحماد بن أبي سليمان، وقتادة عن صلاة المسايفة؟ فقالوا: ركعة حيث كان وجهه. وعن وكيع، عن شعبة، عن المغيرة بن مقسم، عن إبراهيم مثل قول الحكم، وحماد، وقتادة. وعن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن مجاهد في قول اللَّه تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} قال: في العدو يصلي راكبًا، وراجلاً يومئ، حيث كان وجهه، والركعة الواحدة تجزئه. وبه يقول سفيان الثوريّ، وإسحاق بن راهويه.
قال ابن حزم: وهذان العملان أحبّ إلينا، من غير أن نَرْغَبَ عن سائر ما صحّ عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في ذلك، ومَعاذَ اللَّه من هذا، لكن مِلْنَا إلى هذين لسهولة العمل فيهما على كلّ جاهل، وعالم، ولكثرة من رواهما عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولكثرة من قال بهما من الصحابة والتابعين، ولتواتر الخبر بهما عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولموافقتهما القرآن. انتهى المقصود من كلام ابن حزم -رحمه اللَّه تعالى- (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن بما ذُكر في كلام ابن حزم -رَحِمَهُ اللَّهُ- أن كثيرًا من السلف قالوا بموافقة حديث الباب، فأرجح المذاهب القول بمشروعية الاكتفاء بركعة واحدة عند الخوف. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
1530 - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَشْعَثُ بْنُ سُلَيْمٍ, عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ هِلاَلٍ, عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ, قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي بِطَبَرِسْتَانَ, فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - صَلاَةَ الْخَوْفِ؟ , فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا, فَقَامَ حُذَيْفَةُ, فَصَفَّ النَّاسُ, خَلْفَهُ صَفَّيْنِ, صَفًّا خَلْفَهُ, وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ, فَصَلَّى بِالَّذِي خَلْفَهُ رَكْعَةً, ثُمَّ انْصَرَفَ هَؤُلاَءِ إِلَى مَكَانِ هَؤُلاَءِ, وَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً, وَلَمْ يَقْضُوا).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث صحيح، وهو طريق آخر لحديث حذيفة - رضي اللَّه تعالى عنه -، وقد تقدم الكلام عليه سندًا ومتنًا في الذي قبله. وعمرو بن علي هو الفلاس، ويحيى هو القطان، وقد تقدما قبل ستة أبواب. وقوله: "فصفّ