غير المرتبة بدل "ثم"، وما روي عن إسحاق بن عيسى بن الطباع (?)، عن مالك: أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - بدأ بالصلاة قبل الخطبة، وهذا نص، ويعتضد هذا بقياس هذه الصلاة على صلاة العيدين، لسبب أنهما يخرج لهما, ولهما خطبة. انتهى (?)
وقال العلامة الشوكاني -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقد اختلفت الأحاديث في تقديم الخطبة على الصلاة، أو العكس، ففي حديث أبي هريرة، وحديث أنس، وحديث عبد اللَّه بن زيد عند أحمد أنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، وفي حديث عبد اللَّه بن زيد في "الصحيحين" وغيرهما، وكذا حديث ابن عباس عند أبي داود، وحديث عائشة المتقدم أنه بدأ بالخطبة قبل الصلاة، ولكنه لم يصرّح في حديث عبد اللَّه بن زيد الذي في "الصحيحين" أنه خطب، وإنما ذكر تحويل الظهر لمشابهتها للعيد، وكذا قال القرطبي: يعتضد القول بتقديم الصلاة على الخطبة بمشابهتها للعيد، وكذا ما تقرر من تقديم الصلاة أمام الحاجة.
قال في "الفتح": ويمكن الجمع بين ما اختلف من الروايات في ذلك أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - بدأ بالدعاء، ثم صلى ركعتين، ثم خطب، فاقتصر بعض الرواة على شيء، وعبر بعضهم بالدعاء عن الخطبة، فلذلك وقع الاختلاف. والمرجح عند الشافعية، والمالكية البدء بالصلاة، وعن أحمد رواية كذلك، قال النووي: وبه قال الجماهير، وقال الليث بعد الخطبة، وكان مالك يقول به، ثم رجع إلى قول الجماهير، قال: وقال بعض أصحابنا: ولو قدّم الخطبة على الصلاة صحّتا, ولكن الأفضل تقديم الصلاة كصلاة العيد وخطبتها، وجاء في الأحاديث ما يقتضي جواز التقديم والتأخير، واختلفت الرواية في ذلك عن الصحابة انتهى. وجواز التقديم والتاخير بلا أولوية هو الحقّ انتهى كلام الشوكاني (?).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله الشوكاني -رَحِمَهُ اللَّهُ- حسنٌ جدًّا. واللَّه تعالى أعلم.
وفيه الجهر بالقراءة، وسيأتي في باب مفرد، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
* * *