قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي فيما قاله القرطبي نظران:

أما أوّلاً، ففي تعميمه المنع لكل من فر بدينه؛ لأن ذلك يحتاج إلى دليل، من نص أو إجماع.

وأما ثانيا ففي تفريقه بين من فر بدينه، ومن ترك بلده للَّه، فإنه لا فرق بينهما في الحقيقة، كما هو ظاهر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث العلاء بن الحضرمي - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متفق عليه.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-4/ 1454 - وفي "الكبرى" -4/ 1912 - عن محمد بن عبد الملك بن زنجويه، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن حميد ابن عبد الرحمن، عن السائب بن يزيد، عنه. وفي -4/ 1455 - و"الكبرى" -4/ 1913 - عن الحارث بن مسكين، عن ابن عُيينة، عن عبد الرحمن بن حُميد، عن السائب بن يزيد به.

وفي "الكبرى" 279/ 4212 - عن محمد بن عبد اللَّه بن المبارك، عن يحيى بن سعيد القطان- ح و 279/ 4213 - عن عُبيد اللَّه بن سعد بن إبراهيم بن سعد، عن عمه يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن كيسان- كلاهما عن عبد الرحمن بن حميد، أنه سمع عمر بن عبد العزيز يسأل السائب بن يزيد؟، فقال السائب: سمعت العلاء بن الحضرمي يقول: سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: "ثلاث ليال يمكثهنّ المهاجر بمكة بعد الصدر". وفي -279/ 4214 - عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق به.

وأخرجه (خ) 5/ 87 (م) 4/ 108 و 4/ 109 (د) 2022 (ت) 949 (ق) 1073. (الحميدي) 844 (أحمد) 4/ 339 و5/ 52 (الدارمي) 1520. واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في فوائده:

منها: ما بوّب له المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان مدة الإقامة التي تُقصر فيها الصلاة، وهذا الذي ذهب إليه -رحمه اللَّه تعالى- هو مذهب الشافعي، ومالك رحمهما اللَّه تعالى، ووجه الدلالة منه أن الترخيص في الثلاث يدلّ على بقاء حكم السفر، بخلاف الأربعة، فالأربع حد الإقامة، وما دونه حد السفر، فتقصر الصلاة فيه.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الاستدلال عندي غير صحيح, لأنه يرده ما فعله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015