جواز الإتمام.
وأما القول بأفضلية الإتمام فلا وجه له؛ لمخالفته لما لازمه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - مدة حياته، فالأفضل هو الذي داوم عليه، وإنما الكلام في الجواز فقط. هذا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الخامسة: في اختلاف العلماء في السفر الذي يبيح القصر:
قال الإِمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: أجمع أهل العلم، لا اختلاف بينهم على أن لمن سافر سفرا يُقصَر في مثله الصلاة، وكان سفره في حج، أو عمرة، أو غزو أن له أن يقصر الصلاة ما دام مسافرًا.
واختلفوا فيمن خرج لمباح التجارة، أو مطالعة مال له، أو أبيح له الخروج إليه، فقال أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار: له إذا خرج إلى ما أبيح له أنا يقصر الصلاة، هذا قول الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وهو مذهب أهل المدينة، وأهل الكوفة، وعوامّ أهل العلم من علماء الأمصار.
وفيه قول ثان: قال عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه عنه -: لا يقصر إلا في حج، أو جهاد، وروينا عن عمران بن حصين - رضي اللَّه عنهما - قال: إنما يقصر الصلاة من كان شاخصاً (?) , أو يحضره العدو.
ثم أخرج ابن المنذر بسنده عن أبي المهلب، أن عثمان بن عفان - رضي اللَّه عنه -، كتب أنه بلغني أن رجالاً يخرجون إما لجباية، وإما لتجارة، وإما لحشر (?)، ثم لا يُتمون الصلاة، فلا تفعلوا ذلك، فإنما يقصر الصلاة من كان شاخصًا، أو يحضره عدوّ.
وقال عطاء: أرى أن لا تقصر الصلاة إلا في سبيل من سُبُل الخير، من أجل أن إمام المتقين لم يقصر الصلاة إلا في سبيل من سُبُل الخير، حج، أو عمرة، أو غزو، والأئمة بعده أيهم كان يضرب في الأرض يبتغي الدنيا؟ وقد كان قبلُ لا يقول بهذا القول، يقول: يقصر في كل ذلك.
واختلفوا فيمن سافر في معصية اللَّه، ففي قول للشافعي، وأحمد عليه أن يُتمّ، وليس له أن يقصر ما دام في سفره، قال الشافعي: وذلك في مثل أن يخرج باغيًا على مسلم، أو معاهد، أو يقطع طريقًا، أو بما في هذا المعنى، قال: ولا يمسح على الخفين، ولا يجمع الصلاة، ولا يصلي نافلة إلى غير القبلة، مسافرًا في معصية.