الجمعة إلى أن يقول آمين، جمعاً بين الأحاديث التي صحت، كذا قال، ويخدش فيه أنه يفوّت على الداعي حينئذ الإنصاف لقراءة الإِمام، فليُتأمل.
قال الزين ابن المنيّر: يحسن جمع الأقوال، وكان قد ذكر مما تقدم عشرة أقوال تبعاً لابن بطال، قال: فتكون ساعة الإجابة واحدة منها لا بعينها، فيصادفها من اجتهد في الدعاء في جميعها، والله المستعان.
وليس المراد من أكثرها أنه يستوعب جميع الوقت الذي عُيّن، بل المعنى أنها تكون في أثنائه، لقوله فيما مضى: "يقللَّها"، وقوله: "وهي ساعة خفيفة".
وفائدة ذكر الوقت أنها تنتقل فيه فيكون ابتداء مظنتها ابتداء الخطبة مثلاً، وانتهاؤها انتهاء الصلاة.
وكأن كثيراً من القائلين عَيَّنَ ما اتفق له وقوعها فيه من ساعة في أثناء وقت من الأوقات المذكورة. فيهذا التقرير يقل الانتشار جداً.
ولا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبي موسى، وحديث عبد الله بن سلام كما تقدم.
قال المحب الطبريّ: أصح الأحاديث فيها حديث أبي موسى، وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام انتهى.
وما عداهما إما موافق لهما، أو لأحدهما، أو ضعيف الإسناد، أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف، ولا يعارضهما حديث أبي سعيد في كونه -صلى الله عليه وسلم- أُنسيها بعد أن أُعلمها, لاحتمال أن يكون سمع ذلك منه قبل أن ينسى، أشار إلى ذلك البيهقي وغيره.
وقد اختلف السلف في أيهما أرجح، فروى البيهقي من طريق أبي الفضل أحمد بن سلمة النيسابوريّ أن مسلما قال: حديث أبي موسى أجود شيء في هذا الباب وأصحّه، وبذلك قال البيهقي، وابن العربيّ، وجماعة. وقال القرطبي: هو نص في موضع الخلاف فلا يُلتفت إلى غيره. وقال النووي: هو الصحيح، بل الصواب، وجزم في الروضة بأنه الصواب، ورجحه أيضاً بكونه مرفوعاً صريحاً، وفي أحد "الصحيحين".
وذهب آخرون إلى ترجيح قوله عبد الله بن سلام، فحكى الترمذي عن أحمد أنه قال: أكثر الأحاديث على ذلك. وقال ابن عبد البرّ: إنه أثبت شيء في هذا الباب. وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن أن ناساً من الصحابة اجتمعوا، فتذاكروا ساعة الجمعة، ثم افترقوا، فلم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة. ورجحه كثير من الأئمة أيضاً، كأحمد، وإسحاق، ومن المالكية