لطائف هذا الإسناد:

منها: أنه من خماسيات المصنف رحمه الله تعالى، ومنها: أن رجاله رجال الصحيح، غير شيخه، فقد تفرد به هو، والترمذي، ومنها: أن قوله: "وابن طاوس الخ" بالجرّ عطف على "أبي الزناد"، فسفيان له في هذا الحديث شيخان: أبو الزناد، وعبد الله بن طاوس. ومنها: أن فيه رواية تابعي، عن تابعي، والابن عن أبيه، وفيه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه من المكثرين السبعة، روى (5374) حديثاً. والله تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رضي الله تعالى عنه، أنه قال (قَالَ: رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: نَحْنُ الآخرُونَ السَّابقُونَ) زاد في رواية الشيخين: "يوم القيامة". وفي رواية لمسلم: "نحن الآخرون، ونحن السابقون".

و"الآخرون" -بكسر الخاء المعجمة، والمعنى نحن المتأخرون زمانًا، والأولون منزلةً.

والمراد أن هذه الأمة، وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية، فهي سابقة لهم في الآخرة بأنهم أول من يُحشر، وأول من يُحاسب، وأول من يُقضى بينهم، وأول من يدخل الجنة. وفي حديث حذيفة -رضي الله عنه- عند مسلم: "نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة، المقضيّ لهم قبل الخلائق (?)، وسيأتي للمصنف في الحديث التالي.

وقال الحافظ ولي الدين العراقي رحمه الله: والتقييد بيوم القيامة يردّ قولَ من قال: إن المراد سبقهم بيوم الجمعة على الأيام بعده التي هي تبع له، وقولَ من قال: إن المراد سبقهم بالقبول والطاعة التي حُرمُوها، وقالوا: سمعنا وعصينا.

وصحّ وصف هذه الأمّة بالآخرية، والسبق باعتبارين، فلما اختلف الاعتبار لم يكن في ذلك تناف.

فإن قلت: كون هذه الأمة آخر الأمم أمر واضح، فما فائدة الإخبار به؟.

قلت: يحتمل أنه ذُكر توطئة لوصفهم بالسبق يوم القيامة، وأنه لا يُتخيّل من تأخرهم في الزمن تأخّرهم في الحظوظ الأُخروية، بل سابقون فيها.

ويحتمل أن يُراد بذلك الدلالة على أنهم آخر الأمم، وأن شريعتهم باقية إلى آخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015