الله تعالى باختصار، وقد توسع رحمه الله تعالى في هذا الموضوع، وذكر الأدلّة على هذه الخصائص، فمن شاء التوسع في ذلك فليراجعه (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...
أي هذا باب ذكر الحديثين الدّالّين على إيجاب الجمعة.
ومحل استدلال المصنف رحمه الله قوله: "كتب الله عزّ وجلّ عليهم"، وهو واضح، لأن الكتابة معناها الإيجاب، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} الآية [البقرة: 183].
وقال السندي رحمه الله تعالى: والظاهر أن الحكم بالنظر إلى الكلّ واحد، فحيث إن ذلك الحكم هو الوجوب بالنسبة إلى قوم، تعين أنه الوجوب بالنظر إلى الآخرين، والله تعالى أعلم انتهى (?).
وقال الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى: "باب فرض الجمعة" لقول الله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9].
قال في "الفتح": واستدلال المصنف بهذه الآية على فرضيّة الجمعة سبقه إليه الشافعيّ رحمه الله في "الأم"، وكذا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، ثم قال: فالتنزيل، ثمّ السنّة، يدلان على إيجابها، قال: وعُلم بالإجماع أن يوم الجمعة هو الذي بين الخميس والسبت.
وقال الشيخ الموفّق رحمه الله: الأمر بالسعي يدلّ على الوجوب، إذ لا يجب السعي إلا إلى واجب.
واختلف في وقت فرضيتها، فالأكثر على أنها بالمدينة، وهو مقتضى ما تقدّم أن فرضيتها بالآية المذكورة، وهي مدنية، وقال الشيخ أبو حامد: فُرضت بمكة، وهو