كما قالوا، فقالوا: يوم السبت لليهود، ويوم الأحد للنصاري، فاجعلوا يوم العروبة، -وكان يُسمُّون يوم الجمعة يوم العَرُوبة- فاجتمعوا إلى أسعد بن زُرَارة، فصلى بهم، وذكرهم، فسمَّوه يوم الجمعة حين اجتمعوا إليه، فذبح أسعد بن زُرارة لهم شاة، فتغذَوا، وتعَشَّوا من شاة واحدة ليلتهم، فأنزل الله بعد: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} الآية [الجمعة: 9].
فوقع في كلام الإِمام أحمد أن هذه هي الجمعة التي جمّعها مصعب بن عُمير، وهي التي ذكرها كعب بن مالك في حديثه أنهم كانوا أربعين رجلاً.
قال الحافظ ابن رجب: وفي هذا انظر، ويحتمل أن يكون هذا الاجتماع من الأنصار كان باجتهاد هم قبل قدوم مصعب إليهم، ثم لما قدم مصعب عليهم جمّع بهم بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان الإِسلام حينئذ قد ظهر، وفشا، وكان يمكن إقامة شعار الإِسلام في المدينة.
وأما اجتماع الأنصار قبل ذلك، فكان في بيتا أسعد بن زُرارة قبل ظهور الإِسلام بالمدينة وفُشُوّه، وكان باجتهاد منهم، لا بأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-. والله سبحانه وتعالى أعلم انتهى كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى باختصار (?). وهو بحث نفيس جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة: في خواص يوم الجمعة:
ذكر الإِمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى للجمعة ثلاثا وثلاثين خصوصية مفصلة، ودونك ملخّصها:
1 - قراءة سورة السجدة في فجره.
2 - استحباب كثرة الصلاة والسلام على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه، وفي ليلته.
3 - صلاة الجمعة.
4 - الأمر بالاغتسال في يومها.
5 - التطيب فيه.
6 - السواك فيه.
7 - التبكير للصلاة.
8 - أن يشتغل بالصلاة، والذكر، والقراءة حتى يخرج الإِمام.
9 - الإنصات للخطبة وجوبا لمن يسمعها على الأصحّ.
10 - قراءة سورة الكهف في يومها، وفيه حديث صحيح.
11 - عدم كراهة الصلاة فيه وقت الزوال عند الشافعي، ومن وافقه، واختاره شيخ الإِسلام ابن تيمية.
12 - قراءة "سورة الجمعة"، و"المنافقين"، أو "سبح"، و"الغاشية" في صلاة الجمعة.
13 - أنه يوم عيد متكرر في الأسبوع.
14 - استحباب لبس أحسن الثياب فيه.
15 - استحباب تجمير المسجد فيه.
16 - أنه لا يجوز السفر في يومه لمن تلزمه الجمعة قبل فعلها بعد دخول وقتها، وأما