وقال ولي الدين رحمه الله بعد ذكر نحو ما تقدّم: وقيل: لاجتماع آدم عليه السلام مع حواء في الأرض، رواه الحاكم في "مستدركه" من حديث سلمان الفارسي-رضي الله عنه-، قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا سلمان ما يوم الجمعة؟ "، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "ياسلمان يوم الجمعة جمع فيه أبوكم وأمكم".
قال: فهذه خمسة أقوال في سبب تسميتها بذلك انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الثانية: في أسماء الجمعة:
قال ولي الدين رحمه الله: (اعلم) أن يوم الجمعة هو الاسم الذي سماه الله تعالى به، وله أسماء أُخر:
(الأول): يوم العروبة -بفتح العين المهملة، وكان هو اسمه في الجاهلية، قال أبو جعفر النحّاس في كتابه "صناعة الكتاب" لا يعرفه أهل اللغة إلا بالألف واللام، إلا شاذا، قال: ومعناه اليوم البيّن المعظم، من أعرب: إذا بيّن، قال: ولم يزل يوم الجمعة معظما عند أهل كل ملّة.
ثم اعترضه ولى الدين بأنه لم تعرفه الأمم المتقدّمة، وأوّل من هُدي له هذه الأمة، كما في حديث الباب.
وقال أبو موسى المديني في ذيله على "الغريبين": والأفصح أن لا يدخلها الألف واللام، قال: وكأنه ليس بعربي.
(الثاني): من أسمائه حَرْبة، حكاه أبو جعفر النحّاس، أي مرتفع عال كالحربة، قال: وقيل: ومن هذا اشتقّ المحراب.
(الثالث): يوم المزيد، وروى الطبراني في "معجمه الأوسط" بإسناد ضعيف عن أنس -رضي الله عنه-، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، عن جبريل عليه السلام أنه قال: "ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد"، ذكره في أثناء حديث طويل.
(الرابع): حج المساكين، سماه بعضهم بذلك، قال الحافظ أبو الفضل العراقي في "شرح الترمذيّ": وكأنه أخذه من الحديث الذي رواه الحارث بن أبي أُسامة في "مسنده" من رواية الضحاك بن مُزاحم، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا، والحديث ضعيف، وكان شعبة ينكر أن يكون الضحّاك سمع من ابن عباس، وقال ابن حبان: لم يشافه أحدًا من الصحابة، زعم أنه لقي ابن عباس، وقد وُهِّمَ انتهى (?). والله تعالى أعلم بالصواب،