من القاصرة، وإن كان الأفضل بمعنى الأشرف بالنسبة إلى صفات النفس، فالذي يحصل لها من التطهير بسبب الفقر أشرف، فيترجّح الفقراء.
ومن ثَمَّ ذهب جمهور الصوفيْة إلى ترجيح الفقير الصابر.
وقال القرطبي رحمه الله: للعلماء في هذه المسألة خمسة أقوال: ثالثها: الأفضل الكفاف. رابعها: يختلف باختلاف الأشخاص. خامسها: التوقّف.
وقال الكرمانيّ رحمه الله: قضية الحديث أن شكوى الفقر تبقى بحالها، وأجاب بأن مقصودهم كان تحصيل الدرجات العُلَى، والنعيم المقيم لهم أيضًا، لا نفي الزيادة عن أهل الدثور مطلقًا اهـ.
قال الحافظ رحمه الله تعالى: والذي يظهر أن مقصودهم إنما كان طلب المساواة، ويظهر أن الجواب وقع قبل أن يَعلَم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن متمنّي الشيء يكون شريكًا لفاعله في الأجر، كما ثبت في حديث الترمذيّ رحمه الله (?) بأن المنفق والمتمنّي إذا كان صادق النية في الأجر سواء، وكذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: "من سنّ سنّة حسنة، فله أجرها وأجر من يعمل بها من غير أن ينقص من أجره شيئًا"، فإن الفقراء في هذه القصّة كانوا السبب في تعلّم الأغنياء الذكر المذكور، فإذا استووا معهم في قوله، امتاز الفقراء بأجر السبب، مضافًا إلى التمنّي، فلعل ذلك يقاوم التقرّب بالمال، وتبقى المقايسة بين صبر الفقير على شَظَف العيش، وشكر الغنيّ على التنعّم بالمال، ومن ثمّ وقع التردد في تفضيل أحدهما على الآخر انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: أستدلاله بحديث من "سنّ سنّة حسنة الخ" على هذه المسألة فيه نظر، لأن الذين تسببوا هم فقراء الصحابة، فالاشتراك مع الأغنياء في الأجر قاصر عليهم، لا يتعدّاهم إلى غيرهم من الفقراء، لأن غيرهم لم يشاركهم في التسبب، فكيف يستدلّ به على تفضيل الفقير على الغني على الإطلاقّ؟، والله أعلم.
وقال في "كتاب الأطعمة" عند قول البخاري: "بابٌ الطاعمُ الشاكر مثل الصائم الصابر" فيه عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.