السهو فلا أحفظه من وجه صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك قال النووي: إنه لا يثبت في التشهد حديث. فالله أعلم. انتهى كلام العلائي رحمه الله تعالى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لي في تضعيف هذه الأحاديث نظر، ولا سيما رواية أشعث الحمراني، فقد قال ابن التركماني -رحمه الله- تعال بعد ذكر من وثقه من أهل العلم: ما حاصله: وإذا كان كذلك، فلا يضرّه تفرّده بذلك، ولا يصير سكوت من سكت عن ذكره حجةً على من ذكره وحفظه، لأنه زيادة ثقة، كيف، وقد جاء له الشاهدان اللذان ذكرهما البيهقي. انتهى "الجوهر النقي" جـ 2 ص 355. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الحادية عشرة: في اختلاف أهل العلم في حكم سجود السهو:

(اعلم): أنهم اختلفوا في سجود السهو، هل هو واجب لابدّ منه، أو سنة؟:

فمذهب الشافعي -رحمه الله-، وكافة أصحابه أنه سنة، وحكاه الشيخ أبو حامد عن جمهور العلماء.

وقال القاضي عبد الوهّاب المالكي: الذي يقتضيه مذهبنا أنه واجب في سهو النقصان.

وقال القرطبي: من أصحابنا من قال: سجود السهو مندوب، وقال بعض أصحابنا: السجود للنقص واجب، وللزيادة فضيلة، ئم اختلفوا هل ذلك في كلّ نقص، أو يختص الوجوب بما كان المسقط فعلًا، ولم يكن قولًا روايتان.

والصحيح من مذهب الحنفية: أن سجود السهو واجب كذلك، قاله في "الهداية"، وكذلك حكاه الشيخ أبو حامد الاسفرايني وغيره عنهم أنه واجب يأثم بتركه، وليس بشرط لصحّة الصلاة، وهو اختيار الكرخي منهم، وبعض أصحابهم قال: إنه سنة كمذهب الشافعي.

وأما مذهب أحمد -رحمه الله-، فأفعال الصلاة منقسمة عندهم على ثلائة أنواع:

أحدها: أركان يُبطل الصلاةَ الإخلال بها عمدًا، ويجب تداركها إذا تركت سهوًا، كتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع والسجود ونحوها.

وثانيها: واجبات، من ترك منها شيئًا عمدًا بطلت صلاته، ومن تركه سهوا لم تبطل، ولم يتداركه، بل يسجد للسهو، كتكبيرات الانتقالات، والتشهد الأول، والجلوس له، والتسبيح في الركوع، وفي السجود وأشباهها.

وثالثها: سننٌ قوليةٌ، كالاستفتاح، والتعوذ، والتأمين، وقراءة السورة، والجهر، والإسرار، ونحو ذلك، فهل يُشرَع سجود السهو لتداركها؟ فيه روايتان، وليس سجود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015