عن معاوية مفسرةً أن سجود السهو كان قبل التسليم.

والحاصل: أن هذه الروايات بعضها محتمل لا يُحمل على ذلك، والذي صرّح فيها بأن السجود كان بعد التسليم، كحديث المغيرة بن شعبة لا يقاوم حديث ابن بُحينة المتفق على صحته وثبوته. والله سبحانه أعلم.

وأما حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - الذي أشار إليه الشيخ محيى الدين -رحمه الله-، فأخرجه الترمذي من حديث إبراهيم بن سعد، وابن ماجه من حديث أبي سلمة، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن كريب، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن ابن عوف - رضي الله عنهم -، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا سها أحدكم في صلاته، فلم يدر واحدة صلى، أو اثنتين، فليبن على واحدة، وإن لم يدر اثنتين صلى، أو ثلاثًا، فليبن على اثنتين، وإن لم يدر ثلاثًا صلى، أو أربعًا، فليبن على ثلاث، وليسجد سجدتين قبل أن يسلّم". ثم قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عوف من غير هذا الوجه، رواه الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف. انتهى كلامه.

ورواه ابن عبد البرّ في "التمهيد" من حديث أحمد بن خالد الوهبي، عن ابن إسحاق، عن مكحول به، وفيه زيادة قصة أن عمر بن الخطاب سأل ابن عباس عن هذا الحكم، وذكر أنه لم يسمع فيه شيئًا، فدخل عليهما عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهم -، فقال: لكني عندي منه علم، سمعت ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له عمر - رضي الله عنه -: فأنت العدل الرضى، فماذا سمعت؟ فذكر الحديث كما تقدّم، وفي آخره: "حتى يكون الوهم في الزيادة, ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، ثم يسلم".

وأخرجه الحاكم في "المستدرك" بهذه القصة من حديث ابن إسحاق هكذا، وقال فيه: على شرط مسلم.

قال الحافظ العلائي -رحمه الله-: وفيما قال نظر من وجهين:

أحدهما: أن مسلمًا -رحمه الله- لم يحتج بابن إسحاق في الأصول، بل في المتابعات في مواضع يسيرة، فليس على شرطه في الأصول.

الثاني: أنه لو احتجّ به في الأصول لم يكن هذا على شرطه، بل ولا صحيحًا، كما قال الترمذي، لأن ابن إسحاق مدلس عن الضعفاء، وقد قال هنا: عن مكحول، فلا يُحتَجّ به على القاعدة المعروفة في مثله من المدلسين.

وهذا الحديث مما دلّسه، فقد رواه البزّار في "مسنده" من حديث عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن ابن إسحاق، حدثنا حُسين بن عبد الله، عن مكحول، عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015