أجلس؟ إنما أصنع كما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع.
وقال فيه الحاكم: على شرط الشيخين، قال العلائي. وهو كما ذكر.
وحمل أبو داود هذا الحديث على أن السجود كان بعد السلام، لقوله: حين انصرف، وهذا هو الظاهر.
وقد صرّح به المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - في حديثه، أخرجه أبو داود من حديث المسعودي، عن زياد بن علاقة، قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة، فنهض في الركعتين، قلنا: سبحان الله، قال: سبحان الله، ومضى، فلما أتم صلاته، وسلّم سجد سجدتي السهو، فلما انصرف، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع كما صنعت. قال أبو داود: وكذلك رواه ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن المغيرة بن شعبة، ورفعه. ورواه أبو عُمَيس -أخو المسعودي- عن ثابت بن عبيد، قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة، مثل حديث زياد بن علاقة.
قال العلائي: أما السند الأول، فالمسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله الكوفي، وثقه أحمد، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، ومحمد بن سعد، وغيرهم، وكلهم اتفقوا على أنه اختلط في آخر عمره، وغلط في كثير من حديثه.
فعلى هذا لا يعلم، هل هذا الحديث مما رواه قبل الاختلاط أو بعده، ولم يخرج له الشيخان شيئًا لذلك المعنى.
وأما الطريق الثاني، فهي عند عبد الرزاق، عن الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن الشعبي، عن المغيرة بن شعبة، أنه قام في الركعتين الأوليين، فسبحوا به، فلم يجلس، فلما قضى صلاته سجد سجدتين بعد التسليم، ثم قال: هكذا فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وابن أبي ليلى ضعيف متكلم فيه من قبل حفظه.
وقد رواه ابن عبد البرّ في "التمهيد" من حديث أبي قلابة الرّقاشي، عن بكر بن بكار، عن علي بن مالك، عن عامر الشعبي، عن المغيرة بن شعبة به، هكذا.
وعلي بن مالك هذا إن كان العبدي، فقد قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء.
وقال البيهقي بعد ذكر حديث معاوية المتقدم: وكذلك فعل عقبة ابن عامر الجُهَني.
وحديث عقبة هذا رواه ابن عبد البرّ من حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب أن عبد الرحمن بن شماسة حدثه أن عقبة بن عامر قام في صلاته، وعليه جلوس، فقال الناس: سبحان الله، فعرف الذي يريدون، فلما أتم صلاته سجد سجدتين، وهو جالس، ثم قال إني سمعت قولكم، وهذه السنة.
قال العلائي: وإسناد هذه الرواية صحيح، وحملها البيهقي على الرواية التي رواها