عن زيد بن أسلم مرسلًا.
واتفق الحُفّاظ على تصحيح المسند، وقبوله ممن حفظه، ولذلك أخرجه مسلم في "صحيحه"، قال ابن عبد البرّ: الحديث متصل مسند صحيح، ولا يضره تقصير من قصّر به، لأن الذين وصلوه حُفّاظ مقبولة زيادتهم.
وقال المازري -رحمه الله-: إرسال مالك للحديث غير قادح، لأنه قد عُلم من عادته ذلك، ثقةً منه مما علم من عادته، وأن ذلك لا يوقع في النفوس منه استرابة. وكذلك قال البزّار: الحديث صحيح، وإن كان مالك أرسله.
قال العلائي -رحمه الله-: وقد رواه الوليد بن مسلم، عن مالك مسندًا كما رواه سليمان بن بلال ومن تابعه، فكأن مالكًا -رحمه الله- أسنده في وقت فحفظه عنه الوليد بن مسلم. والله أعلم.
وأما حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، فروى الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسًا، فقيل: أزيد في الصلاة؟ فقال: "وما ذاك؟ " قالوا: صليت خمسًا، فسجد سجدتين بعد ما سلم. أخرجه البخاري ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي بهذا اللفظ، إلا أن مسلما لم يقل فيه: بعد ما سلم.
وأخرج مسلم أيضًا من حديث الأعمش، ومنصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله - رضي الله عنه -، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال إبراهيم: زاد أو نقص، الشك مني- فلما سلم، قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: "وما ذاك؟ "، قالوا: صليت كذا وكذا، قال: فثنى رجليه، واستقبل القبلة، فسجد سجدتين، ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: "إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكّروني، وإذا شكّ أحدكم في صلاته، فليتحرّ الصواب، فليتم عليه، ثم ليسجد سجدتين". هذه رواية منصور.
وفي رواية الأعمش ذكر هذا الكلام أولًا، ثم ذكر أن سجود السهو جرى بعده.
وكذلك أخرجه مسلم أيضًا مختصرًا من جهة الأعمش بهذا السند عن عبد الله، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام.
ورواه مسلم من حديث الأسود، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسًا، فقلنا: يا رسول الله أزيد في الصلاة؟ قال: "وما ذاك؟ " قالوا: صليت خمسًا، قال: "إنما أنا بشر مثلكم، أذكر كما تذكرون، وأنسى كما تنسون"، ثم سجد سجدتي السهو.