بخلاف الطريقة الأخرى. فهذا نقل المذهب في المسألة.
وأما بيان ما احتجّ به كلّ فريق، فذلك يستدعي تقديم الأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مواضع سجود السهو قولًا وفعلًا، ثم بيان تمسكهم بها.
قال الإمام أبو عبد الله المازري -رحمه الله-: أحاديث السهو كثيرة، والثابت منها خمسة أحاديث، وهي حديث أبي هريرة، وحديث أبي سعيد الخدري، وهما جميعًا فيمن شكّ كم صلى، وذكر في حديث أبي هريرة أنه سجد سجدتين، ولم يذكر موضعهما، وفي حديث أبي سعيد الخدري أنه سجد قبل السلام، وحديث ابن مسعود، وفيه القيام إلى خامسة، وأنه سجد بعد السلام، وحديث ذي اليدين، وفيه السلام من اثنتين، والسجود بعد السلام، وحديث ابن بُحَينة، وفيه القيام من اثنتين، والسجود قبل السلام، ثم ذكر كيفية أخذ الأئمة بهذه الأحاديث، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقال الشيخ محيي الدين -رحمه الله- في "شرح المهذب": الأحاديث الصحيحة التي عليها مدار باب سجود السهو، وعنها تشعّبت مذاهب العلماء ستة أحاديث، فذكر هذه الخمسة، وحديث عبد الرحمن بن عوف الذي أخرجه الترمذي، وفيه الأمر بالسجود قبل التسليم.
قال الحافظ العلائي رحمه الله تعالى: حديث ذي اليدين تقدم بجميع طرقه، وأما حديث أبي هريرة، فهو في "الصحيحين" من حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان. له ضُراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قُضي الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر. فإذا قُضي التثويب أقبل، حتى يَخْطر بين المرء ونفسه, فيقول اذكر كذا، اذكر كذا لما لم يكن يذكر، حتى يظلّ الرجل إن يدر كم صلى, فإذا لم يدر أحدكم كم صلى، فليسجد سجدتين، وهو جالس".
وأخرجاه أيضًا من حديث مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مختصرًا، لم يذكر قصة الأذان، بل لفظه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان، فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم، فليسجد سجدتين، وهو جالس".
ثم رواه مسلم من حديث سفيان بن عُيينة، والليث بن سعد، عن الزهري، كذلك.
وكذلك رواه أبو داود، والنسائي من حديث مالك. وكذلك رواه أيضًا معمر عن الزهري. ثم رواه أبو داود من حديث ابن أخي الزهري، عن عمه، قال بهذا الحديث بإسناده، وزاد: "وهو جالس قبل التسليم".
وإلى هذه الرواية أشار الشيخ محيي الدين -رحمه الله-.