قال العلائي: ونقله ابن الصبّاغ في "الشامل" أيضًا عن أبي سعيد الخدري من الصحابة، وسعيد بن المسيب من التابعين.
وقد روى ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب، وأبي عبيدة أنهما كانا إذا وهما في صلاتهما، فلم يدريا ثلاثًا صليا، أم أربعًا سجَدَا سجدتين قبل أن يسلما.
وقال أبو حنيفة وأصحابه جميعًا: سجود السهو كله بعد السلام، سواءٌ كان عن نقص أو زيادة، وهو مروي عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقّاص، وعمّار بن ياسر، وعمران بن حصين، والضحاك بن قيس، والمغيرة بن شعبة، نقله ابن عبد البرّ عنهم، ثم قال: واختلُف فيه عن معاوية بن أبي سفيان، وابن عباس، وابن الزبير - رضي الله عنهم -.
قال العلائي -رحمه الله-: ورواه ابن أبي شيبة عن أنس بن مالك، وأبي هريرة، والسائب القاري.
والذي روى الترمذي في "جامعه" عن أبي هريرة والسائب القاريّ بإسناد متصل أيضًا أن السجود قبل السلام، والإسناد واحد، فأحدهما وهم.
وهو في "جامع عبد الرزاق" عن ابن عمر، وابن عباس - رضي الله عنهما - جميعًا، لكن بإسناد مرسل.
وبه قال الحسن البصري، وقتادة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعطاء بن أبي رباح، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعمر بن عبد العزيز، وإبراهيم النخعي, وسفيان الثوري، والحسن بن صالح بن حيّ، وأبن أبي ليلى.
وقال مالك، وجماعة من أصحابه: إن كان السهو بزيادة، فالسجود له بعد السلام، وإن كان بنقصان، فالسجود قبل السلام، وهو قول أبي ثور، والمزني من أصحاب الشافعي، ونقله الشيخ أبو إسحاق، وجماعة عن القديم من مذهب الشافعي.
وقال القاضي الماوردي في "الحاوي": أشار إليه الشافعي في كتاب "اختلافه مع مالك"، والمشهور من مذهبه في القديم والجديد أنه قبل السلام في الزيادات والنقصان. وكذلك قال صاحب "الشامل".
وعن مالك قول آخر أن الكلّ سواءٌ. ما قبل السلام وما بعده في الزيادة والنقص، لورود الأحاديث بذلك، حكاه في "المجموعة" فيما نقله القرطبي.
وهذا كله حيث تحقق الزيادة والنقصان، فأما في صورة الشكّ، فقال الاودي: اختلف قول مالك في الذي لا يدري صلى ثلاثًا أم أربعًا؟ فقال: يسجد قبل السلام، وقال: يسجد بعد السلام.