ولا متنا، والغلط لا يسلم منه أحد، والكمال ليس لمخلوق، وكلّ أحد يؤخذ من قوله، ويترك، إلا قول النبي صلى الله عليه، فليس قول ابن شهاب أنه المقتول يوم بدر بحجة، لأنه قد تبين غلطه في ذلك.

قال العلائي: وأخرج ابن خزيمة في "صحيحه" عن محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا أبو سعيد الجُعْفي، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني سعيد بن المسيب، وعبيد الله بن عبد الله، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال: صلى بنا رسول الله عليه وسلم الظهر، أو العصر، فذكر الحديث.

وكذلك رواه البيهقي عن الحاكم أبي عبد الله، عن الحسن بن سفيان، عن حرملة، عن ابن وهب.

فكيف يمكن الجمع بين قول الزهري: إن هذه القصة كانت قبل بدر، وإن ذا الشمالين الذي أذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسهو قُتل يوم بدر، وبين حضور أبي هريرة - رضي الله عنه - لها، كما ذكره هو في هذه الرواية، وإنما كان إسلام أبي هريرة بعد بدر بخمس سنين، أو نحوها؟!!.

فإن قيل: لم ينفرد الزهري بتسميته ذا الشمالين، بل قد رواه غيره.

أخرج عبد الرزاق في "جامعه" عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر، أو العصر، فسلّم في ركعتين، ثم انصرف، وخرج سرعان الناس، فقالوا: خُففت الصلاة، فقال ذو الشمالين: يا رسول الله أخففت الصلاة، أم نسيت؟ وذكر بقيته.

ورواه أحمد بن حنبل في "المسند" عن عبد الرزاق هكذا.

وأخرج النسائي في "سننه" من حديث الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى يومًا، فسلم في ركعتين، فأدركه ذو الشمالين، فقال: يا رسول الله أنقصت الصلاة، أم نسيت؟. . . الحديث (?).

قلت (?): هذه الروايات وَهَم -والله أعلم- لكثرة الرواة الحفاظ الذين رووا هذا الحديث من طرق متعددة، وكلهم يقول فيه: ذو اليدين، وكأن معمرًا اشتبه عليه رواية أيوب برواية الزهري، لأنه روى الحديث عنهما جميعًا، وفي حديث الزهري: ذو الشمالين كما تقدم، فحمل معمر عليها رواية أيوب، وخصوصًا رواية سفيان بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015