قيامه مسرعًا؟ (قال) إبراهيم (ذلك يريد) مسند أوجز، أي يزيد ابن مسعود بقوله: "كأنه على الرضف" قيامه مسرعًا، فاسم الإشارة يعود إلى القيام المفهوم من قوله: "حتى يقوم". وفي الحديث أن السنة تخفيف الجلوس الأول بحيث لا يزيد فيه على التشهد، وفيه اختلاف بين أهل العلم سنذكره في المسألة الرابعة، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه هذا صحيح.
[فإن قيل:] كيف يصح وفي سنده انقطاع بين أبي عبيدة وبين أبيه؟
[أجيب]: بأنه إنما صح بغيره، فقد أخرج أحمد -رحمه الله- ما يشهد له.
فقال في "مسنده": حدثنا يعقوب، قال: حدثني أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عن تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وسط الصلاة، وفي آخرها عبدُ الرحمن بن الأسود ابن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، قال: علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التشهد في وسط الصلاة، وفي آخرها، فكنا نحفظ عن عبد الله حين أخبرنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمه إياه، قال: فكان يقول إذا جلس في وسط الصلاة، وفي آخرها على وركه اليسرى: "التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي، ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
قال: ثم إن كان في وسط الصلاة نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده بما شاء أن يدعو، ثم يسلم (?).
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه". ثم قال: قوله: "وفي آخرها على وركه اليسرى" إنما كان يجلسها في آخر صلاته، لا في وسط صلاته، وفي آخرها (?)، كما رواه عبد الأعلى عن محمَّد بن إسحاق، وإبراهيم بن سعيد الجوهري عن يعقوب بن إبراهيم. انتهى (?).
فهذا حديث صحيح، يدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزيد على التشهد في الجلوس الأول، فهو شاهد لحديث أبي عبيدة، عن أبيه؛ لأن المراد بقوله: "كأنه على الرضف" التخفيف في الجلوس، وذلك بأن لا يزيد على التشهد.
والحاصل أن حديث الباب صحيح. وقد حسنه الترمذي -رحمه الله- مع حكمه بالانقطاع المذكور، وإنما أراد هذا المعنى، لا أنه حسنه مع انقطاعه.