وقد استشكل جواز حذف "الصلوات" مع ثبوتها في جميع الروايات الصحيحة، وكذلك "الطيبات" مع جزم جماعة من الشافعية بأن المقتصر عليه هو الثابت في جميع الروايات، ومنهم من وجه الحذف بكونهما صفتين كما هو الظاهر من سياق ابن عباس، لكن يعكر على هذا ما تقدم من البحث في ثبوت العطف فيهما في سياق غيره، وهو يقتضي المغايرة. أفاده في "الفتح" (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القوله بجواز حذف شيء من ألفاظ التشهد مما لا دليل عليه، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قولوا: "التحيات" الخ فعلمهم التشهد بألفاظ مخصوصة، وأمرهم أن يقولوها، وأمره للوجوب، فكيف يجوز تركها، أو ترك شيء منها؟.

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[فائدة]: قال القفال -رحمه الله- في "فتاويه": ترك الصلاة يضرّ جميع المسلمين، لأن المصلي يقول: اللَّهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات، ولابد أن يقول في التشهد "السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين"، فيكون مقصرا في خدمة الله، وفي حق رسوله، وفي حق نفسه، وفي حق كافّة المسلمين، ولذلك عظمت المعصية بتركها.

واستنبط منه السبكي أن في الصلاة حقّا للعباد مع حق الله، وأن من تركها أخلّ بحق جميع المؤمنين، من مضى، ومن يجيء إلى يوم القيامة لوجوب قوله فيها: "السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين". انتهى (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

1163 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا لاَ نَدْرِي مَا نَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، غَيْرَ أَنْ نُسَبِّحَ، وَنُكَبِّرَ، وَنَحْمَدَ رَبَّنَا، وَأَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - عُلِّمَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ، وَخَوَاتِمَهُ، فَقَالَ: "إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا، وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَلْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ، فَلْيَدْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ").

رجال هذا الإسناد: ستة:

1 - (محمَّد بن المثنى) أبو موسى العَنَزِيّ البصري، ثقة حافظ [10] تقدم 64/ 80.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015