على هذا اللفظ أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه -، وساقه بلفظ ابن مسعود. أخرجه الطحاوي، لكن هذا الأخير ثبت مثله في حديث ابن عباس عند مسلم.
ورُجِّحَ أيضا بثبوت الواو في "الصلوات" و"الطيبات"، وهي تقتضي المغايرة بين المعطوف، والمعطوف عليه، فتكون كل جملة ثناء مستقلا، بخلاف ما إذا حذفت، فإنها تكون صفة لما قبلها، وتعدد الثناء في الأول صريح، فيكون أولى، ولو قيل: إن الواو مقدرة في الثاني.
ورُجِّحَ بأنه ورد بصيغة الأمر، بخلاف غيره، فإنه مجرد حكايته. ولأحمد من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَه التشهد، وأمره أن يعلمه الناس، ولم ينقل ذلك لغيره، ففيه دليل على مزيته.
وقال الشافعي -رحمه الله- بعد أن أخرج حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: رويت أحاديث في التشهد مختلفة، وكان هذا أحب إلى لأنه أكملها. وقال في موضع آخر، وقد سئل عن اختياره تشهد ابن عباس: لما رأيته واسعًا، وسمعته عن ابن عباس صحيحًا كان عندي أجمع، وأكثر لفظا من غيره، وأخذت به، غيرَ مُعَنِّفٍ لمن يأخذ بغيره مما صحّ.
ورجحه بعضهم بكونه مناسبا للفظ القرآن في قوله تعالى: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61].
وأما من رجحه بأن ابن عباس من أحداث الصحابة، فيكون أضبط لما روى، أو بأنه أفقه من رواه، أو يكون إسناد حديثه حجازيّا، وإسناد ابن مسعود كوفيًّا، وهو مما يُرَجّح به، فلا طائل فيه لمن أنصف، نعم يمكن أن يقال إن الزيادة التي في حديث ابن عباس، وهي "المباركات" لا تنافي رواية ابن مسعود، ورجح الأخذ بها، لكون أخذه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في الأخير.
وقد اختار مالك وأصحابه تشهد عمر - رضي الله عنه -، لكونه علمه للناس، وهو على المنبر، ولم ينكروه، فيكون إجماعا، ولفظه نحو حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -، إلا أنه قال: "الزاكيات" بدل "المباركات"، وكأنه بالمعنى، لكن أورد على الشافعي زيادة "بسم الله" في أول التشهد، ووقع ذاك في رواية عمر المذكورة، لكن من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، لا من طريق الزهري، عن عروة التي أخرجها مالك، أخرجه عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وغيرهما، وصححه الحاكم مع كونه موقوفا. وثبت في "الموطإ" أيضا عن ابن عمر موقوفا، ووقع أيضا في حديث جابر المرفوع، تفرد به أيمن بن نابل -بالنون، ثم الموحدة- عن أبي الزبير، عنه.
وحكم الحفاظ -البخاري، وغيره- على أنه أخطأ في إسناده، وأن الصواب رواية