على خلاف تأويلهم رواية معمر، عن ابن شهاب في هذا الحديث، بلفظ: "إذا قال الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقولوا: آمين، فإن الملائكة تقول: آمين، وإن الإمام يقول: آمين ... " الحديث. أخرجه أبو داود، والنسائي، والسّرّاج، وهو صريح في كون الإمام يؤمِّن. وقيل في الجمع بينهما: المراد بقوله: "إذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقولوا: آمين" أي ولو لم يقل الإمام: آمين.
وقيل: يؤخذ من الخبرين تخيير المأموم في قولها مع الإمام أو بعده. قاله الطبري.
وقيل: الأول لمن قرب من الإمام، والثاني لمن تباعد عنه؛ لأن جهر الإمام بالتأمين أخفض من جهره بالقراءة، فقد يسمع قراءته من لا يسمع تأمينه، فمن سمع تأمينه أمَّن معه، وإلا يؤمن إذا سمعه يقول: {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]؛ لأنه وقت تأمينه. قاله الخطابي. وهذه الوجوه كلها محتملة، وليست بدون الوجه الذي ذكروه.
وقد رده ابن شهاب بقوله: "وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: آمين". كأنه استشعر التأويل المذكور، فبين أن المراد بقوله: "إذا أمّن" حقيقة التأمين، وهو وإن كان، مرسلًا، فقد اعتضد بصنيع أبي هريرة راويه، كما سيأتي.
وإذا ترجح أن الإمام يؤمن، فيجهر به في الجهرية، كما ترجم به المصنف [جهر الإمام بآمين] والبخاري [باب جهر الإمام بالتأمين]، وهو قول الجمهور خلافًا للكوفيين، وروايةٍ عن مالك، فقال: يسر به مطلقًا.