لا تقوم به حجة، وربما يكون مالك إنما أخذه من عبد الرحمن بن إسحاق، فقد أشار البخاري إلى روايته نحو ذلك، وساق البخاري كلامًا في توهين عبد الرحمن هذا.
والبخاري وشيخه ابن المديني إمامان مجتهدان مقدمان في معرفة النقل، والنَّقَلَة، فلا يدفع كلامهما في ذلك إلا بحجة واضحة.
وما ذكره عن أبي سعيد، وعائشة إنما إحتجا به؛ لأنه يدل على أن المأموم إذا أدرك الإِمام قبيل الركوع لم يكن له أن يدع الفاتحة، أو بعضها، ثم يعتد بتلك الركعة، فإذا لم يتحمل عنه الإِمام بعضًا من الفاتحة فقط، فلأن لا يتحملها عنه كلها ومعها القيام أولى.
وإذا كان الظاهر أن القول بالإدراك مخالف للقول بافتراض الفاتحة على المأموم، وكان المصرحون من الصحابة بالإدراك هم من الذين عرف عنهم القول بعدم افتراض الفاتحة على المأموم، وجاء عن جماعة من القائلين بالافتراض من الصحابة ما هو صريح، أو ظاهر في عدم الإدراك، ولم يثبت عن أحد منهم خلاف ذلك، فإنه يقوي جِدًّا ظن أن القائلين بالافتراض قائلون لعدم الإدراك، فكلام البخاري، وشيخه متين جدًّا.
وأما أن الجمهور الغالب على الإدراك فحق، ولكن هل يكفي هذا لتخصيص النصوص الدالة على فرضية القيام، وفرضية الفاتحة، وفرضية قضاء ما فات؟ ومع تلك الأدلة الاعتبار الواضح، فإن المعهود في فرائض الصلاة أن لا يسقط شيء منها إلا لعذر بيّنٍ، وليس المسبوقية كذلك، لتمكن المسبوق بدون مشقة تُذكَرُ من الإتمام بعد سلام