قال العراقي في "شرح الترمذي" بعد أن حكى عن شيخه السبكي أنه كان يختار أنه لا يعتدّ بالركعة من لا يدرك الفاتحة، ما لفظه: وهو الذي نختاره. اهـ. والعجب ممن يدعي الإجماع، والمخالفُ مثل هؤلاء.

وأما احتجاج الجمهور بحديث أبي بكرة رضي الله عنه، حيث صلى خلف الصف مخافة أن تفوته الركعة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "زادك الله حرصًا، ولا تَعُد" ولم يؤمر بإعادة الركعة، فليس فيها ما يدلّ على ما ذهبوا إليه؛ لأنه كما لم يأمره بالإعادة لم ينقل إلينا أنه اعتدّ بها، والدعاء له بالحرص لا يستلزم الاعتداد بها؛ لأن الكون مع الإِمام مأمور له، سواء كان الشيء الذي يدركه المؤتم معتدًا به، أم لا، كما في حديث: "إذا جئتم إلى الصلاة، ونحن سجود، فاسجدوا، ولا تعدوها شيئًا". أخرجه أبو داود وغيره على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نهى أبا بكرة عن العودة إلى مثل ذلك، والاحتجاج بشيء قد نهي عنه لا يصح.

وقد أجاب ابن حزم في "المُحَلَّى" عن حديث أبي بكرة، فقال: إنه لا حجة لهم فيه؛ لأنه ليس فيه اجتزاء بتلك الركعة. ثم استدلّ على ما ذهب إليه من أنه لابد في الاعتداد بالركعة عن إدراك القيام والقراءة بحديث: "ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".

ثم جزم بأنه لا فرق بين فوت الركعة، والركن، والذكر المفروض؛ لأن الكل فرض لا تتم الصلاة إلا به. قال: فهو مأمور بقضاء ما سبقه به الإِمام وإتمامه، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك بغير نص آخر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015