قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله هذان الإمامان: أبو بكر ابن المنذر، وأبو عمر بن عبد البر رحمهما الله تعالى من أن الخروج عن ظاهر خبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير جائز، وأنه -صلى الله عليه وسلم- هو الحجة دون غيره تحقيق حقيق بالقبول، وما عداه من الأقوال لا يَلتَفتُ إليه من حقق المنقول، ويُعتذر عمن خالفوه بأنه لم يصل إليهم النهي، أو وصل إليهم ولكن تأولوه، وما قصدوا مخالفته، فحاشاهم أن يُظَنَّ بهم ذلك، فالقوم أهل اتباع، لا أهل ابتداع، فرضي الله تعالى عنهم جميعًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة السادسة: قال الحافظ ولي الدين العراقي رحمه الله: المعنى في نهي قاصد الصلاة عن الإسراع، وأمره بالمشي بسكينة أمور:

أحدها: قوله -صلى الله عليه وسلم- في رواية مسلم: "فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة، فهو في صلاة"، فأشار بذلك إلى أنه ينبغي أن يتأدب بآداب الصلاة، من ترك العجلة، والخشوع، وسكون الأعضاء، ومن هذا أمره -صلى الله عليه وسلم- مَن خرج إلى المسجد أن لا يشبك بين أصابعه، وعلل ذلك بكونه في صلاة، وحَكَى النوويُّ هذا المعنى عن العلماء.

الثاني: تكثير الخطأ، فقد روى الطبراني بإسناد صحيح، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: كنت أمشي مع زيد بن ثابت، فقارب الخطا، فقال: أتدري لم مشيت بك هذه المِشْيَة؟ فقلت: لا، فقال: لتكثر خُطانا في المشي إلى الصلاة، وقد روي هذا مرفوعًا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015