لاحتاج كل مأموم أن يستتر بحربة، كاستتار النبي -صلى الله عليه وسلم- بها، فحمل العنزة للنبي -صلى الله عليه وسلم- يستتر بها دون أن يأمر المأمومين بالاستتار خلفه، كالدال على أن سترة الإمام تكون سترة لمن خلفه.
وقد روى ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم أن مجاهدًا أخبره عن ابن عباس، قال: جئت أنا والفضل على أتان، فمررنا بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعرفة، وهو يصلي المكتوبة، ليس شيء يستره يحول بيننا وبينه.
قال أبو بكر: وغير جائز أن يحتج بعبد الكريم عن مجاهد، على الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله. وهذه اللفظة قد رويت عن ابن عباس خلاف هذا المعنى، ثم أخرج بسنده عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "ركزت العنزة بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعرفات، فصلى إليها، والحمار من وراء العنزة".
قال أبو بكر: فهذا الخبر مضاد خبر عبد الكريم (يعني ابن مالك الجزري) عن مجاهد؛ لأن في هذا الخبر أن الحمار إنما كان وراء العنزة، وقد ركز النبي -صلى الله عليه وسلم- العنزة بين يديه بعرفة، فصلى إليها. وفي خبر عبد الكريم، عن مجاهد، قال: "وهو يصلي المكتوبة، ليس شيء يستره، يحول بيننا وبينه".
وخبر عبد الكريم، وخبر الحَكَمِ بن أَباَنَ قريب من جهة النقل؛ لأن