أحدهما: أن يكون معناه: بنى الله له مثله في مسمى البيت، وأما صفته في السعة وغيرها فمعلوم فضلها، فإنها ما لا عين رأت، ولا أذن لسمعت، ولا خطر على قلب بشر.
والثاني: أن يكون معناه أن فضله على بيوت الجنة، كفضل المسجد على بيوت الدنيا. انتهى.
وقال الحافظ: لفظ المثل له استعمالان:
أحدهما: الإفراد مطلقًا، كقوله تعالى: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} [المؤمنون: 47].
والآخر: المطابقة، كقوله تعالي: {أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38].
فعلى الأول لا يمتنع أن يكون الجزاء أبنية متعددة، فيحصل جواب من استشكل تقييده بقوله: مثله، مع أن الحسنة بعشر أمثالها، لاحتمال أن يكون المراد: بنى الله له عشرة أبنية مثله. وأما من أجاب باحتمال أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك قبل نزول قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، ففيه بعد، وكذا من أجاب بأن التقييد بالواحد لا ينفي الزيادة.
قال: ومن الأجوبة المرضية أن المثلية هنا بحسب الكمية، والزيادة حاصلة بحسب الكيفية، فكم من بيت خير من عشرة، بل من مائة.
قال الشوكاني: وهذا الذي ارتضاه هو الاحتمال الأول الذي ذكره النووي.