وكان عمر رآه قبل ذلك، فكتمه عشرين يومًا، ثم أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما منعك أن تخبرنا؟ " قال: سبقني عبد الله بن زيد، فاستحييت. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بلال قم، فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد، فافعله"، ترجم له أبو داود "بدء الأذان".
وقال أبو عمر بن عبد البر: روى قصة عبد الله بن زيد جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة، ومَعَانٍ متقاربة، وهي من وجوه حِسَان، وهذا أحسنها.
قال الحافظ: وهذا لا يخالف ما تقدم أن عبد الله بن زيد لما قص منامه فسمع عمر الأذان، فجاء، فقال: قد رأيت، لأنه يحمل على أنه لم يخبر بذلك عقب إخبار عبد الله، بل متراخيًا عنه، لقوله: "ما منعك أن تخبرنا"، أي عقب إخبار عبد الله، فاعتذر بالاستحياء، فدل على أنه لم يخبر بذلك على الفور، وليس في حديث أبي عمير التصريح بأن عمر كان حاضرًا عند قص عبد الله رؤياه، بخلاف ما وقع في روايته التي ذكر بها "فسمع عمر الصوت، فخرج، فقال"، فإنه صريح في أنه لم يكن حاضرًا عند قص عبد الله. والله أعلم. اهـ. "فتح الباري" جـ 2 ص 96، 97.
قال الجامع: والحاصل أن الراجح في معنى قول عمر رضي الله عنه: أوَلا تبعثون رجلًا، يُنَادِي بالصلاة؟، هو النداء المطلق، كقوله: "الصلاة جامعة"، لا النداء المعهود. والله أعلم.