هو الطاهر المطهر، قال: وفعول في كلام العرب لمعان: منها فَعُول لما يُفْعل به، مثل الطَّهور لما يُتَطَهَّر به، والوَضوء لما يُتوضأ به، والفَطُور لما يُفطر عليه، والغَسول لما يُغتسل به، ويُغسل به الشيء، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هو الطَّهُور ماؤه" أي هو الطاهر المطهر، قاله ابن الأثير، قال: وما لم يكن مطهرا فليس بطَهور. وقال الزمخشري: الطَّهور: البليغ في الطهارة، قال بعض العلماء: ويُفهم من قوله: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} أنه طاهر في نفسه مطهر لغيره, لأن قوله: "ماء" يفهم منه أنه طاهر، لأنه ذُكر في معرض الامتنان، ولا يكون ذلك إلا بما يُنتفَعُ به، فيكون طاهرا في نفسه، وقوله: "طهورا" يُفهَم منه صفة زائدة على الطهارة وهي الطهورية.
فإن قيل: فقد ورد طَهور بمعنى طاهر كما في قوله: ريّقُهُنَّ طَهُورُ.
فالجواب: أنَّ وروده كذلك غير مُطَّرد، بل هو سماعي، وهو في البيت مبالغة في الوصف، أو واقع موقع طاهر لإقامة الوزن، ولو كان طهور بمعنى طاهر مطلقا لقيل: ثوب طَهُور، وخَشَب طَهُور، ونحو
ذلك، وذلك ممتنع (?).
قال الجامع عفا الله عنه: فتحصل من هذا أنَّ كون الطهور بمعنى الطاهر المطهِّر هو قول أكثر أهل اللغة، وخلافه ضعيف يبطله قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}، والله أعلم.
وقوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: الآية 11] حكَى الزجاج أن الكفار يوم بدر سبقوا المؤمنين إلى ماء بدر، فنزلوا عليه، وبقي المؤمنون لا ماء لهم، فأنزل الله المطر ليلة بدر، والذي في سيرة ابن إسحاق وغيره: أن المؤمنين هم الذين سبقوا