نَؤُوم، وليس ذلك بمعنى مُنيم لغيره, وإنما يرجع ذلك إلى فعل نفسه.

وأجيب عن هذا بأن وصف شراب الجنة بأنه طهور يفيد التطهير عن أوضار الذنوب، وعن خساس الصفات، كالغلّ والحَسَد، فإذا شربوا هذا الشراب يطهرهم الله من رحض الذنوب، وأوضار الاعتقادات الذميمة، فَجَاءُوا الله بقلب سليم، ودخلوا الجنة بصفات التسليم، وقيل لهم: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: آية 73] ولما كان حكمه في الدنيا بزوال حكم الحدث بجريان الماء على الأعضاء كانت تلك حكمته ورحمته في الآخرة. وأما قول الشاعر:

..... ... ريّقُهُنَّ طَهُورُ

فإنه قصد بذلك المبالغة في وصف الريق بالطهورية لعُذُوبته، وتعلقه بالقلوب، وطيبه في النفوس، وسكون غليل المحب برشفه حتى كأنه الماء الطهور.

وبالجملة فإن الأحكام الشرعية لا تثبت بالمجازات الشعرية، فإن الشعراء يتجاوزون في الاستغراق حد الصدق إلى الكذب، ويسترسلون في القول حتى يخرجهم إلى البدعة والمعصية، وربما وقعوا في الكفر من حيث لا يشعرون. ألا ترى إلى قول بعضهم (من الطويل):

ولَوْ لَمْ تُلامِسْ صَفْحَةَ الأرْضِ رجْلُهَا ... لَمَا كُنْتُ أدْري عِلَّةً للتَّيمُّم

وهذا كفر صراح نعوذ بالله منه (?).

وقال العلامة الفيومى: وطَهُور قيل: مبالغة، وأنه بمعنى طاهر، والأكثر أنه لوصف زائد، قال ابن فارس: قال ثعلب: الطَّّهُور هو الطاهر في نفسه المُطَهِّر لغيره، وقال الأزهري أيضا: الطهور في اللغة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015