شرح الحديث
(عن طارق) بن شهاب (أن رجلا) لم يسم (أجنب) أي أصابته جنابة (فلم يُصَلّ) لعدم الماء، والظاهر أن هذا كان قبل مشروعية التيمم (فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له) أي كونه لم يُصَلِّ بسبب الجنابة، مع عدم الماء (فقال) - صلى الله عليه وسلم - (أصبت) أي حيث عمل باجتهاده، وهذا يؤيد ما قلناه أن هذا كان قبل شرع التيمم لأنه ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للذي اعتزل عن الناس وهم يصلون لكونه جنبا: "عليك بالصعيد فإنه يكفيك" وتقدم برقم 321.
والحاصل أن تصويب فعله هذا إنما هو بالنسبة لعمله باجتهاده، وإن كان مخطئا بعدم صلاته عند فقده الطهور، فلا ينافي ما تقدم مما قررناه من أن المصنف كالإمام البخاري يرى وجوب الصلاة على فاقد الماء والصعيد، حيث أوردا حديث عائشة الدالَّ على أنهم صَلَّوْا بغير وضوء فقررهم عليه، ولو لزم التنافي لقدم حديث عائشة لصحته بخلاف حديث طارق لإرساله.
(فأجنب رجل آخر، فتيمم وصلى) وهذا ظاهر في كونه بعد شرع لتيمم (فأتاه) أي النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي فذكر له ذلك (فقال) - صلى الله عليه وسلم - له (نحو ما قال) أي الكلام الذي قاله (للآخر) أي الذي ترك الصلاة ثم بَيَّن المَقُولَ بقوله (يعني أصبت) والعناية من بعض الرواة، ذكرها لإيضاح معنى "ما".
والحاصل أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لكل منهما: "أصبت" لكونهما عملا باجتهاد فكل منهما مصيب من هذه الحيثية، وإن كان الأول مخطئا من حيث تركه الصلاة، فالذي يظهر من إيراد المصنف لهذا الحديث بعد إيراد حديث عائشة رضي الله عنها تضعيف هذا الحديث لكونه مرسلا، وأنه لا ينافي حديث عائشة رضي الله عنها, لكونه أصح والله أعلم.