(يطلبون قلادة) القلادة: ما يجعل في العُنُق من حُليّ ونحوه، وقد تقدم أن القلادة من جَزعَ ظَفَار، وأنها استعارتها عائشة من أسماء أختها رضي الله عنهما، فقوله هنا (كانت لعائشة) فيه تجوز، إذ هي تستعملها الآن بالعارية (نسيتها في منزل نَزَلَتْهُ) ولأبي داود: "أضلتها عائشة" وتقدم في حديث عمار: "فانقطع عقدها من جزع ظَفَار" ولا تنافي بين هذه الروايات, لأن النسيان يطلق على معنى ترك الشيء ذُهولا والإضلال هو الفقدان، ويكون سبب نسيانها وفقدانها انقطاع تلك العقد عن عنقها من غير شعورها (فحضرت الصلاة) وهي الصبح كما تقدم (وليسوا على وضوء) بضم الواو أي ليسوا متوضئين (ولم يجدوا ماء) لكون المَحَلِّ ليس فيه ماء (فَصَلَّوا بغير وضوء) فيه دليل على وجوب الصلاة على فاقد الطهورين, لأنهم صلوا معتقدين وجوب الصلاة عليهم، فأقرَّهم النبي - صلى الله عليه وسلم - علي ذلك، ولو كانت الصلاة غير واجبة حينئذ لأنكر عليهم، وبهذا قال الشافعي، وأحمد، وجمهور أهل الحديث، وأكثر أصحاب مالك. كما سيأتي تحقيق الخلاف في ذلك مع الترجيح إن شاء الله تعالى (فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي شَكَوْا ما أصابهم من الصلاة بغير وضوء (فأنزل الله عز وجل آية التيمم) المراد بها آية المائدة على الأرجح، وتقدم الخلاف في المراد بها مُستوفىً في 194/ 310، فارجع إليه تزدد علما (قال أسيد بن حضير: جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرا) وهذا يدل على أن هذه القصة كانت بعد قصة الإفك، وأن ضياع عقدها كان مرتين، وأما نزول آية التيمم فهي في المرة الثانية، وقد تقدم تحقيق ذلك كله. وبالله التوفيق، وعليه التكلان.
قال الجامع عفا الله عنه: تقدم ما يتعلق بهذا الحديث من المسائل برقم 194/ 310، فلا حاجة إلى إطالة الكتاب بإعادته هنا، وإنما نذكر هنا ما