قَالَ أبو مسهر، قَالَ سَعيدٌ بن عبد العزيز: كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ إِذَا حَدَّثَ بَهِذَا الْحَدِيثِ، جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ.
قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: هَذَا حديث صحيح، رويناه فِي "صحيح مسلم" وغيره، ورجال إسناده منّي إلى أبي ذرّ -رضي الله عنه- كلهم دمشقيّون، ودخل أبو ذرّ -رضي الله عنه- دمشق.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الإسناد منْ شَيْخَيْ شيخنا أبي الخير الميداني، ومحمود حلمي السعديّ إلى النوويّ دمشقيون أيضاً، فهو مسلسل بالدمشقيين منْ الشيخين المذكورين إلى آخره.
قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: فاجتمع فِي هَذَا الْحَدِيث جمل منْ الفوائد:
(منها): صحة إسناده ومتنه، وعلوّه، وتسلسله بالدمشقيين -رضي الله عنهم-، وبارك فيهم. (ومنها): ما اشتمل عليه منْ البيان لقواعد عظيمة فِي أصول الدين، وفروعه، والآداب، ولطائف القلوب وغيرها، ولله الحمد.
وروينا عن الإِمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، قَالَ: ليس لأهل الشام حديث أشرف منْ هَذَا الْحَدِيث. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى فِي كتابه "الأذكار" ص 355 - 357.
وَقَالَ الحافظ ابن رَجَب رحمه الله تعالى فِي كتابه "جامع العلوم والحكم" ج: 1 ص: 221.
بعد أن أورد الْحَدِيث منْ رواية مسلم رحمه الله تعالى فِي "صحيحه":
هَذَا الْحَدِيث خرّجه مسلم منْ رواية سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر -رضي الله عنه-، وفي آخره: قَالَ سعيد بن عبد العزيز: كَانَ أبو إدريس الخولاني، إذا حدث بهذا الْحَدِيث جثى عَلَى ركبتيه. وخرّجه مسلم أيضاً منْ رواية قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن أبي ذر -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ولم يسقه بلفظه، ولكنه قَالَ: وساق الْحَدِيث بنحو سياق أبي إدريس، وحديث أبي إدريس أتم. وخرّجه الإِمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، منْ رواية شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَسَلُونِي الْهُدَى أَهْدِكُمْ، وَكُلُّكُمْ فَقِيرٌ إِلَّا مَنْ أَغْنَيْتُ، فَسَلُونِي أَرْزُقْكُمْ، وَكُلُّكُمْ مُذْنِبٌ إِلَّا مَنْ عَافَيْتُ، فَمَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ أَنِّي ذُو قُدْرَةٍ عَلَى الْمَغْفِرَةِ، فَاسْتَغْفَرَنِي غَفَرْتُ لَهُ، وَلَا أُبَالِي، وَلَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَحَيَّكُمْ وَمَيِّتَكُمْ، وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمُ، اجْتَمَعُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي، مَا زَادَ ذَلِك فِي