ولا يبيعها , ولكن ليهرقْهَا.
ولم يختلف قول مالك وأصحابه، أن الخمر إذا تخللت بذاتها، أن أكل ذلك الخل حلال، وهو قول عمر بن الخطاب، وقبيصة، وابن شهاب، وربيعة، وأحد قولي الشافعيّ، وهو تحصيل مذهبه عند أكثر أصحابه. انتهى "الجامع لأحكام القرآن" 6/ 290. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): هذه الآية تْدل عَلَى تحريم اللعب بالنرد، والشطرنج قمارا، أو غير قمار؛ لأن الله تعالى لما حرم الخمر أخبر بالمعنى الذي فيها، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية [المائدة: 90]، ثم قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} الآية [المائدة: 91]، فكل لهو دعا قليله إلى كثير، وأوقع العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه، وصَدّ عن ذكر الله، وعن الصلاة فهو كشرب الخمر، وأوجب أن يكون حراما مثله.
[فإن قيل]: إن شرب الخمر يورث السكر، فلا يقدر معه عَلَى الصلاة، وليس فِي اللعب بالنرد والشطرنج هَذَا المعنى. [قيل له]: قد جمع الله تعالى بين الخمر والميسر فِي التحريم، ووصفهما جميعاً بأنهما يوقعان العداوة والبغضاء بين النَّاس، ويصدان عن ذكر الله، وعن الصلاة، ومعلوم أن الخمر إن أسكرت، فالميسر لا يسكر، ثم لم يكن عند الله افتراقهما فِي ذلك يمنع منْ التسوية بينهما فِي التحريم , لأجل ما اشتركا فيه منْ المعاني، وأيضاً فإن قليل الخمر لا يسكر، كما أن اللعب بالنرد والشطرنج لا يسكر، ثم كَانَ حراما مثل الكثير، فلا ينكر أن يكون اللعب بالنرد والشطرنج حراما مثل الخمر، وإن كَانَ لا يسكر، وأيضاً فإن ابتداء اللعب يورث الغفلة، فتقوم تلك الغفلة المستولية عَلَى القلب مكان السكر، فإن كانت الخمر إنما حرمت لأنها تسكر، فتصد بالإسكار عن الصلاة، فليحرم اللعب بالنرد والشرنج؛ لأنه يغفل ويلهي، فيصد بذلك عن الصلاة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
5542 - (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السُّنِّيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فِي بَيْتِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا (?) الإِمَامُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا (?) أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا (?) إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، عَنْ عُمَرَ رضى الله عنه، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ، قَالَ