وروى عبد الرزاق في مصنفه قال: حدثنا يحيى بن العلاء، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير قال: كان الأسود بن يزيد يتوضأ بقدح قَدْرَ ريِّ الرجل (?) ثم يصلي بذلك الوضود الصلوات كلها ما لم يحدث. اهـ عمدة جـ 2 ص 230 - 231. باختصار وتغيير يسير.
وقال القرطبي في تفسيره: واختلف العلماء في المعني المراد بقوله: {إذا قمتم إلى الصلاة} على أقوال:
فقالت طائفة: هذا لفظ عام في كل قيام إلى الصلاة، سواء كان القائم متطهرا أو محدثا، فإنه ينبغي له إذا قام إلى الصلاة أن يتوضأ، وكان علي يفعله، ويتلو هذه الآية، ذكره أبو محمَّد الدارمي في مسنده.
وروى مثله عنه عكرمة. وقال ابن سيرين: كان الخلفاء يتوضئون لكل صلاة. قال القرطبي: فالآية على هذا محكمة لا نسخ فيها.
وقالت طائفة: الخطاب خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، قال عبد الله بن حنظلة ابن أبي عامر الغسيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالوضوء عند كل صلاة فشق ذلك عليه فأمر بالسواك ورفع عنه الوضوء إلا من حدث. وقال علقمة بن الفغواء، عن أبيه، وهو من الصحابة، وكان دليلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك: نزلت هذه الآية رخصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان لا يعمل عملا إلا وهو على وضوء، ولا يكلّم أحدا ولا يردّ سلاما إلى غير ذلك، فأعلمه الله بهذه الآية أن الوضوء إنما هو للقيام إلى الصلاة فقط دون سائر الأعمال.
وقالت طائفة: المراد بالأية الوضوء لكل صلاة طلبا للفضل، وحملوا الأمر على الندب، وكان كثير من الصحابة: منهم ابن عمر يتوضئون لكل صلاة طلبا للفضل، وكان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك إلى أنْ جَمَعَ يومَ الفتح بين الصلوات الخمس بوضوء واحد إرادةَ