متعارضة. وَقَالَ الخطّابيّ: صنف فِي المسألة إمامان كبيران، وأكثرا منْ الأدلة للقولين، وتباينا فِي ذلك، والحق أن بينهما عموما وخصوصا، فكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنا. انتهى كلامه ملخصًا. ومقتضاه أن الإسلام لا يُطلق عَلَى الاعتقاد والعمل معا، بخلاف الإيمان، فإنه يطلق عليهما معا، ويَرُدّ عليه قوله تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، فإن الإسلام هنا يتناول العمل والاعتقاد معا؛ لأن العامِل غير المعتقد، ليس بذي دين مرضيّ، وبهذا استدل المزني، وأبو محمد البغوي، فَقَالَ فِي الكلام عَلَى حديث جبريل هَذَا: جعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الإسلام هنا اسما لما ظهر منْ الأعمال، والإيمان اسما لما بطن منْ الاعتقاد، وليس ذاك لأن الأعمال ليست منْ الإيمان، ولا لأن التصديق ليس منْ الإسلام، بل ذاك تفصيل لجملةِ كُلُّها شيء واحد، وجِمَاعُها الدين، ولهذا قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "أتاكم يعلمكم دينكم"، وَقَالَ سبحانه وتعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وَقَالَ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85]، ولا يكون الدين فِي محل الرضا والقبول، إلا بانضمام التصديق. انتهى كلامه. قَالَ الحافظ: والذي يظهر منْ مجموع الأدلة، أن لكل منهما حقيقة شرعية، كما أن لكل منهما حقيقة لغوية، لكن كل منهما مستلزم للآخر، بمعنى التكميل له، فكما أن العامل لا يكون مسلما كاملا، إلا إذا اعتقد، فكذلك المعتقد لا يكون مؤمنا كاملا، إلا إذا عمل، وحيث يطلق الإيمان فِي موضع الإسلام، أو العكس، أو يطلق أحدهما عَلَى إرادتهما معا، فهو عَلَى سبيل المجاز، ويتبين المراد بالسياق، فإن وردا معا فِي مقام السؤال، حُمِلا عَلَى الحقيقة، وإن لم يردا معا، أو لم يكونا فِي مقام سؤال، أمكن الحمل عَلَى الحقيقة، أو المجاز بحسب ما يظهر منْ القرائن، وَقَدْ حكى ذلك الإسماعيلي عن أهل السنة والجماعة، قالوا: إنهما تختلف دلالتهما بالاقتران، فإن أفرد أحدهما دخل الآخر فيه، وعلى ذلك يُحمَل ما حكاه محمد بن نصر، وتبعه ابن عبد البر عن الأكثر، أنهم سووا بينهما، عَلَى ما فِي حديث عبد القيس، وما حكاه اللالكائي، وابن السمعانيّ عن أهل السنة، أنهم فرقوا بينهما عَلَى ما فِي حديث جبريل. والله تعالى وليّ التوفيق. انتهى "فتح" 1/ 157 - 158 بيسير منْ التصرّف.
وَقَالَ الإمام النوويّ رحمه الله تعالى: فِي "شرح صحيح مسلم": أهم ما يُذكر فى الباب اختلاف العلماء فى الإيمان والإسلام، وعمومهما وخصوصهما، وأن الايمان يزيد وينقص، أم لا؟ وأن الأعمال منْ الإيمان أم لا، وَقَدْ أكثر العلماء رحمهم الله تعالى منْ المتقدمين والمتأخرين، القول فى كل ما ذكرناه، وأنا أقتصر عَلَى نقل أطراف، منْ متفرقات كلامهم، يحصل منها مقصود ما ذكرته، مع زيادات كثيرة، قَالَ