وهل يلحق الاستماع بالنظر وجهان: الأصح لا؛ لأن النظر إلى العورة أشد منْ استماع ذِكْرِها، وشرط القياس المساواة، أو أولوية المقيس، وهنا بالعكس. انتهى "الفتح" 14/ 238 - 239.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن الذي ذهب إليه الجمهور منْ جواز رمي منْ تجسس فِي بيت غيره، وأنه لو هلك منْ ذلك، أو بعض أعضائه يكون هدرًا؛ لظاهر النصّ: "منْ اطّلع فِي بيت قوم بغير إذنهم، ففقؤوا عينه، فلا دية له، ولا قصاص"، كما سيأتي فِي الباب التالي، إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ظاهر ترجمة المصنّف رحمه الله تعالى يدلّ عَلَى أنه يرى جواز الاقتصاص، وأخذ الحق، دون إذن السلطان، ووجه استدلاله بحديثي الباب، أن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- صريح فِي جواز فقأ العين، دون إذن الإمام، وكذلك حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، فإنه ضرب ولد مروان، دون استئذان؛ عملاً بأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بمقاتلته، فلما جاز استيفاء الحقّ المباح، فإن فقأ عين المطّلع، ومقاتلة المارّ مباحان، لا واجبان، فاستيفاء ما وجب منْ الحقّ، وهو القصاص أولى. والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: هذه الترجمة نحو ترجمة الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه"، حيث قَالَ: "باب منْ أخذ حقّه، أو اقتصّ دون السلطان".
فقوله: "منْ اقتصّ": أي إذا وجب له قصاصٌ عَلَى أحد. وقوله: "وأخذ حقّه": أي منْ جهة غريمه. وقوله: "دون السلطان": أي دون حكم الحاكم.
قَالَ فِي "الفتح": أي إذا وجب له عَلَى أحد قصاصٌ فِي نفس، أو طرف، هل يشترط أن يرفع أمره إلى الحاكم، أو يجوز أن يستوفيه دون الحاكم، وهو المراد بالسلطان فِي الترجمة.