مالك فِي "الموطّإ" فِي "كتاب العقول" 2/ 849 و (الدارمي) فِي "الديات" 2/ 193، وأبو داود فِي "المراسيل" والحاكم فِي "المستدرك" 1/ 397 والبيهقي فِي "سننه" 8/ 73 و100. والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): فِي فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان كتاب عمرو بن حزم -رضي الله عنه-، وبيان اختلاف الناقلين له، وَقَدْ أسلفت بيان ذلك فِي أول الباب. (ومنها): ما كَانَ عله النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منْ شدّة اهتمامه فِي تبليغ الأحكام إلى الأمة، فكان يُرسل أصحابه إلى البلدان النائية، ويولّيهم ليطّدوا الإسلام بين ربوعها. (ومنها): أن الإمام ينبغي له أن يكتب إلى رؤساء القبائل، والبلدان بما يريد أن يأمرهم به، حَتَّى تسجيب رعيّتهم إذا استجابوا. (ومنها): أنه ينبغي تفخيم رئيس القوم، ووصفه بأحب الأصاف إليه، حَتَّى لا يأنف منْ الدعوة، ويتكبّر عنها، فإنه -صلى الله عليه وسلم- وصفهم بأنهم قَيْلُ ذي رُعَين، ومَعَافِر، وهَمْدان، والقَيْلُ: هو المَلِكُ، كما سبق بيانه. (ومنها): جواز كتابة الْحَدِيث، وَقَدْ كَانَ فيه خلاف بين السلف، ثم ارتفع، فصار مجمعًا عليه، وسبب الاختلاف ما أخرجه مسلم فِي "صحيحه" منْ حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه-، مرفوعًا: "لا تكبوا عني شيئًا إلا القرآن، ومن كتب عني شيئاً غير القرآن، فليمحُه"، وَقَدْ أجاب عنه العلماء، كما أشار إلى ذلك السيوطيّ فِي "ألفية الْحَدِيث"، حيث قَالَ:

كتَابَةُ الْحَدِيثِ فِيهِ اخْتُلِفَا ... ثُمَّ الْجَوَازُ بَعدُ إِجْمَاعًا وَفَا

مُسْتَنَدُ الْمَنْعِ حَدِيثُ مُسْلِمِ ... "لَا تَكتُبُوا عَنِّيَ" فَالْخُلْفُ نُمِي

فَبعْضُهُمْ أَعَلّهُ بِالوَقْفِ ... وَآخَرُونَ عَلَّلُوا بِالْخَوْفِ

مِنِ اخْتِلَاطٍ بِالْقُرَانِ فَانْتَسَخْ ... لأَمْنِهِ وَقِيلَ ذَا لِمَنْ نَسَخْ

الْكُلَّ فِي صَحِيفَةٍ وَقِيلَ بَلْ ... لآمِنٍ نِسيَانَهُ لَا ذِي خَلَلْ

(ومنها): أن منْ قتل مؤمنًا عمدًا، فالواجب عليه القصاص، إلا إذا رضي أولياء المقتول أن يأخذوا الدية، فلهم ذلك؛ تحفيفًا منْ الله سبحانه وتعالى عَلَى هذه الأمة، كما سبق بيانه مستوفًى. (ومنها): أن الأصل فِي دية قتل الخطإ مائة منْ الإبل، وما عداها منْ الذهب، وغيره فبدل عنها. (ومنها): وجوب الديات فِي الجراحات، والشجاج المذكورة فِي هَذَا الْحَدِيث، وسأذكرها، مع بيان أقوال أهل العلم، وأدلّتهم مفصّلة فِي المسائل التالية، إن شاء الله تعالى.

(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي الأنف إذا جُدع:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015