حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما هَذَا ضعيف؛ لأنه مخالف للروايات الصحيحة, وذلك أن الذي ذكر فيها أن المقتول، هو عبد الله بن سهل، وليس هو ابن مُحيّصة الأصغر، وإنما هو ابن عمّه، وأيضًا فإن المحفوظ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دفع ديته كاملة منْ عنده، ولم يحكم عَلَى اليهود منه بشيء.

ومال الحافظ فِي "الفتح" إلى تصحيح هذه الرواية, حيث ردّ عَلَى ادّعاء بعضهم الوهم فِي ذكر البيّنة فِي رواية يحيى بن سعيد الماضية: ما نصّه:

وأما قول بعضهم: إن ذكر البينة وَهَمٌ؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم-، قد عَلِمَ أن خيبر حينئذ، لم يكن بها أحد منْ المسلمين، فدعوى نفي العلم مردودة، فإنه وإن سُلِّم أنه لم يسكن مع اليهود فيها أحد منْ المسلمين، لكن فِي نفس القصة، أن جماعة منْ المسلمين خرجوا يمتارون تمرا، فيجوز أن تكون طائفة أخرى خرجوا لمثل ذلك، وإن لم يكن فِي نفس الأمر كذلك، وَقَدْ وجدنا لطلب البينة، فِي هذه القصة شاهدا منْ وجه آخر، أخرجه النسائيّ 4/ 4722 - منْ طريق عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده: أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلا عَلَى أبواب خيبر، فَقَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقم شاهدين عَلَى منْ قتله، أدفعه إليك برمته"، قَالَ: يا رسول الله، أَنَّى أُصيب شاهدين؟، وإنما أصبح قتيلا عَلَى أبوابهم، قَالَ: "فتحلف خمسين قسامة"، قَالَ: فكيف أحلف عَلَى ما لا أعلم؟، قَالَ: "تستحلف خمسين منهم"، قَالَ: "كيف وهم يهود؟. قَالَ الحافظ: وهذا السند صحيح حسن (?)، وهو نَصٌّ فِي الحمل الذي ذكرته، فتعيين المصير إليه. وَقَدْ أخرج أبو داود أيضا، منْ طريق عباية بن رفاعة، عن جده رافع بن خديج، قَالَ: أصبح رجل منْ الأنصار، بخيبر مقتولا، فانطلق أولياؤه إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "شاهدان يشهدان عَلَى قتل صاحبكم"، قَالَ: لم يكن ثَمَّ أحد منْ المسلمين، وإنما هم اليهود، وَقَدْ يجترئون عَلَى أعظم منْ هَذَا. انتهى "فتح" 14/ 225.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: إنّ حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما هَذَا شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة فلا يصح. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -4/ 4722 - وفي "الكبرى" 4/ 6922. وأخرجه (ق) فِي "الديات" 2678. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015