وقوله: "لمكان أخيه": علّة لتقدّم عبد الرحمن فِي الكلام عَلَى صاحبيه، أي إنما تكلّم دونهما؛ لأنه أقرب منهما إليه، حيث كَانَ أخاه.
والحديث مرسل، صحيح بما سبق، وَقَدْ تقدّم فِي الباب الماضي أن مالكًا رحمه الله تعالى رواه موصولاً منْ رواية أبي ليلى الأنصاريّ، عن سهل بن أبي حثْمة -رضي الله عنه-.
وقوله: (خَالَفَهُمْ سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ) يعني أن سعيد بن عُبيد خالف منْ تقدّم ممن روى عن بشير بن يسار، ووجه مخالفته أنه ذكر طلب البيّنة عَلَى القاتل، ثم ذكر توجيه القسامة عَلَى اليهود فقط، بخلاف رواياتهم، فإنه ليس فيها ذكر البيّنة، بل عندهم توجيه القسامة إلى أولياء المقتول، ثم إلى اليهود، وَقَدْ بيّن رواية سعيد بقوله:
4721 - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّائِيُّ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، زَعَمَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ: سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ، انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقُوا فِيهَا، فَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلاً، فَقَالُوا لِلَّذِينَ وَجَدُوهُ عِنْدَهُمْ: قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا، قَالُوا: مَا قَتَلْنَاهُ، وَلاَ عَلِمْنَا قَاتِلاً، فَانْطَلَقُوا إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، انْطَلَقْنَا إِلَى خَيْبَرَ، فَوَجَدْنَا أَحَدَنَا قَتِيلاً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْكُبْرَ الْكُبْرَ"، فَقَالَ لَهُمْ: "تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ؟ "، قَالُوا: مَا لَنَا بَيِّنَةٌ، قَالَ: "فَيَحْلِفُونَ لَكُمْ؟ "، قَالُوا: لاَ نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ، وَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، أَنْ يَبْطُلَ دَمُهُ فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "أحمد بن سليمان": هو أبو الحسين الرُّهاويّ الثقة الحافظ [11] 38/ 42 منْ أفراد المصنّف. و"أبو نُعيم": هو الفضل بن دُكين الحافظ الحجة الكوفيّ [9] 11/ 516.
و"سعيد بن عُبيد الطائيّ"، أبو الْهُذَيل الكوفيّ، ثقة [6].
قَالَ ابن المدينيّ، عن يحيى: ليس به بأس. وَقَالَ أحمد، وابن معين: ثقة. وَقَالَ أبو حاتم: يُكتب حديثه. وَقَالَ الآجريّ، عن أبي داود: كَانَ شعبة يتمنّى لقاءه. وذكره ابن حبّان فِي "الثقات". ووثقه العجليّ، ويعقوب بن سفيان، وابن نمير، وغيرهم. روى له الجماعة، سوى ابن ماجه، وله عند المصنّف هَذَا الْحَدِيث فقط.
[فائدة]: فِي طبقة سعيد بن عبيد هَذَا، سعيد بن عُبيد الْهُنائيّ بضم الهاء، وتخفيف النون، وهمزة، ومدّ- بصريّ، صدوقٌ، أخرج له المصنّف، والترمذيّ، وله فِي هَذَا الكتاب حديث واحد فقط، وتقدم فِي "كتاب صلاة الخوف" برقم 17/ 1544. والله تعالى أعلم.
وقوله: "زعم الخ": قَالَ فِي "الفتح" 14/ 223 - : لم يقع فِي رواية ابن نُمير "زعم"، بل عنده: "عن سهل بن أبي حثمة الأنصاريّ، أنه أخبره"، وكذا لأبي نُعيم فِي