تابعيّ. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) هكذا رواية المصنّف مرسلاً، وَقَدْ وقع عند البخاريّ منْ طريق عبد الواحد بن زياد موصولاً بذكر جابر -رضي الله عنه- قَالَ فِي "الفتح": اختُلف عَلَى الزهريّ فِي هَذَا الإسناد، فَقَالَ مالك عنه: عن أبي سلمة، وابن المسيب مرسلاً، كذا رواه الشافعيّ وغيره، ورواه أبو عاصم، والماجشون عنه، فوصله بذكر أبي هريرة -رضي الله عنه-، أخرجه البيهقي، ورواه ابن جريج، عن الزهريّ كذلك، لكن قَالَ: عنهما، أو عن أحدهما، أخرجه أبو داود، والمحفوظ روايته عن أبي سلمة، عن جابر موصولا، وعن ابن المسيب، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مرسلا، وما سوى ذلك شذوذ، ممن رواه، ويُقَوِّى طريقه عن أبي سلمة، عن جابر -رضي الله عنه- متابعة يحيى بن أبي كثير له، عن أبي سلمة، عن جابر، ثم ساقه كذلك. انتهى "فتح" 5/ 193.
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ) وفي رواية عند البخاريّ: "فِي كلّ ما لم يُقسم"، واللفظ الثاني يشعر باختصاص الشفعة، بما يكون قابلا للقسمة، بخلاف الأول (فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ) أي حصلت قسمة الحدود فِي المبيع، واتّضحت بالقسمة مواضعها (وَعُرِفَتِ الطُّرُقُ) وفي رواية البخاريّ: "وصُرفت الطرق": وهو بضمّ الصاد، وتخفيف الراء المكسورة، وقيل: بتشديدها: أي بينت مصارف الطرق، وشوارعها، كأنه منْ التصرف، أو منْ التصريف، وَقَالَ ابن مالك: معناه خلصت، وبانت، وهو مشتق منْ الصِّرْف -بكسر المهملة-: الخالص منْ كل شيء، سُمّي بذلك؛ لأنه صُرف عنه الخلط، فعلى هَذَا "صُرِف" مخفّف الراء، وعلى الأول: أي التصرف والتصريف مشدّد. أفاده فِي "نيل الأوطار" 5/ 355.
(فَلَا شُفْعَةَ) قَالَ الشوكانيّ رحمه الله تعالى: استَدَلَّ به منْ قَالَ: إن الشفعة لا تثبت إلا بالخلطة، لا بالجوار، وَقَدْ حَكَى فِي البحر هَذَا القول، عن علي، وعمر، وعثمان، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعمر بن عبد العزيز، وربيعة، ومالك، والشافعي، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وعبيد الله بن الحسن، والإمامية.
وحكى فِي البحر أيضا عن العترة، وأبي حنيفة، وأصحابه، والثوري، وابن أبي ليلى، وابن سيرين، ثبوت الشفعة بالجوار، وأجابوا عن حديث جابر بما قاله أبو حاتم: إن قوله: "إذا وقعت الحدود الخ" مدرج منْ قول جابر، ورُدَّ ذلك بأن الأصل أن كل ما ذُكر فِي الْحَدِيث، فهو منه، حَتَّى يثبت الإدراج بدليل، وورود ذلك فِي حديث غيره مشعر بعدم الإدراج، كما فِي حديث أبي هريرة المذكور فِي هَذَا الباب.