عنهم، وبه قَالَ سُويد بن غَفَلة، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، وعطاء، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر.
وَقَالَ ربيعة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والليث، وأبو حنيفة: هي واجبة؛ لما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "منْ كَانَ له سعة، ولم يُضَحِّ فلا يَقْرَبَنّ مصلانا"، وعن مِحنَف بن سُليم أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "يا أيها النَّاس، إن عَلَى كل أهل بيت، فِي كل عام أَضْحَاةً، وعتيرة".
واحتجّ الأولون بما رواه الدارقطني، بإسناده، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: قَالَ: "ثلاث، كُتبت عليّ، وهن لكم تطوع"، وفي رواية: "الوتر، والنحر، وركعتا الفجر" (?). قَالَ: ولأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "منْ أراد أن يضحي، فدخل العشر، فلا يأخذ منْ شعره، ولا بشرته شيئًا"، رواه مسلم. عَلّقه عَلَى الإرادة، والواجب لا يُعلَّق عَلَى الإرادة، ولأنها ذبيحة لم يجب تفريق لحمها، فلم تكن واجبة، كالعقيقة، فأما حديثهم، فقد ضعفه أصحاب الْحَدِيث، ثم نحمله عَلَى تأكيد الاستحباب، كما قَالَ: "غسل الجمعة واجب عَلَى كل محتلم"، وَقَالَ: "منْ أكل منْ هاتين الشجرتين، فلا يَقرَبَنّ مصلانا". وَقَدْ روي عن أحمد، فِي اليتيم يُضَحِّي عنه وليه: إذا كَانَ موسرا، وهذا عَلَى سبيل التوسعة، فِي يوم العيد، لا عَلَى سبيل الإيجاب. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله تعالى.
وَقَالَ الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه": "باب سنة الأضحية، وَقَالَ ابن عمر: هي سنّة، ومعروف".
فَقَالَ فِي "الفتح" 11/ 115 - : وكأنه ترجم بالسنة إشارةً إلى مخالفة منْ قَالَ بوجوبها، قَالَ ابن حزم: لا يصح عن أحد منْ الصحابة، أنها واجبة، وصح أنها غير واجبة عن الجمهور، ولا خلاف فِي كونها منْ شرائع الدين، وهي عند الشافعية، والجمهور سنة مؤكدة، عَلَى الكفاية، وفي وجه للشافعية، منْ فروض الكفاية، وعن أبي حنيفة: تجب عَلَى المقيم الموسر، وعن مالك مثله، فِي رواية، لكن لم يقيد بالمقيم، ونقل عن الأوزاعي، وربيعة، والليث مثله، وخالف أبو يوسف منْ الحنفية، وأشهب منْ المالكية، فوافقا الجمهور. وَقَالَ أحمد: يكره تركها مع القدرة، وعنه واجبة، وعن محمد بن الحسن: هي سنة غير مُرَخّص فِي تركها، قَالَ الطحاوي: وبه نأخذ، وليس فِي الآثار ما يدل عَلَى وجوبها. انتهى.