الأهليّة. (ومنها): أنَّ الذَّكَاة لا تُطَهِّر مَا لا يَحِلّ أَكْله. (ومنها): أَنَّ كُلّ شَيْء تَنَجَّسَ بِمُلاقَاةِ النجَاسَة، يَكفِي غَسْله مَرَّة وَاحِدَة، لإطلَاقِ الأمْر بِالْغَسْلِ فِي حديث أنس المذكور، فَإِنهُ يَصْدُق بِالامْتِثَالِ بالمَرَّةِ، وَالأَصْل أن لا زِيَادَة عَلَيهَا. (ومنها): أنَّ الأَصْل فِي الأَشْيَاء الإبَاحَة؛ لِكَونِ الصَّحَابَة رضي الله تعالى عنهم، أَقْدَمُوا عَلَى ذَبْحهَا، وَطَبْخهَا كسَائِرِ الحَيَوَان، منْ قَبْل أنْ يُسْتَأمَرُوا النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، مَعَ تَوَفُّر دَوَاعِيهم عَلَى السُّؤَال عَمَّا يُشْكِل. (ومنها): أنَّهُ يَنْبَغِي لأَمِيرِ الْجَيْش تَفَقُّد أحْوَال رَعِيَّته، وَمَن رَآهُ فَعَلَ مَا لا يَسُوغ فِي الشَّرْع، أَشَاعَ مَنْعه، إمَّا بِنَفْسِهِ، كَأَنْ يُخَاطِبهُم، وِإمَّا بِغَيْرِهِ، بِأَنْ يَأمُر مُنَادِيًا، فَيُنَادِي؛ لِئَلا يَغْتَرّ بِهِ مَنْ رَآهُ، فَيَظُنّهُ جَائِزًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
4342 - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَيْبَرَ، فَخَرَجُوا (?) إِلَيْنَا، وَمَعَهُمُ الْمَسَاحِي، فَلَمَّا رَأَوْنَا، قَالُوا: مُحَمَّدٌ، وَالْخَمِيسُ، وَرَجَعُوا إِلَى الْحِصْنِ يَسْعَوْنَ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ"، فَأَصَبْنَا فِيهَا حُمُرًا، فَطَبَخْنَاهَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَسُولَهُ، يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ").
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الْحَدِيث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم للمصنف رحمه الله تعالى فِي "الطهارة" 55/ 69 و"المواقيت" 26/ 547 و"النكاح" 64/ 3342 و3343 و79/ 338 و3381 و3382 - وَقَدْ استوفيت شرحه، وبيان مسائله فيما مضى، فما بقي إلا إعادة ما يُستشكل منْ الكلمات الغريبة، ونحوها.
فـ"أيوب": هو السختياني. و"محمد": هو ابن سيرين. و"أنس": هو ابن مالك رضي الله تعالى عنه.
وقوله: "صبّح" بالتشديد: أي أغار عليهم وقت الصباح. وقوله: "ومعهم المساحي" جمع مِسْحاة، وهي آلة منْ حديد، وميمه زائدة، منْ السحو، بمعنى الكشف والإزالة. وقوله: "والخميس": أي الجيش، وهو مرفوع بالعطف عَلَى "محمد"، ويجوز نصبه عَلَى أنه مفعول معه. وقوله: "يسعون": أي يُسرعون فِي المشي إلى الحصن. وقوله: "ينهاكم" هكذا الرواية هنا بإفراد الضمير، وهو صحيح، فيكون مرجع الضمير لفظ الجلالة، والجملة خبر "إنّ"، وأما "ورسوله " فمرفوع بالابتداء، حُذف خبره، أي