حديث أبى سعيد الخدريّ رضي الله تعالى عنه هَذَا صحيح، وَقَدْ أخرجه البخاريّ، منْ حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -11/ 4264 - وفي "الكبرى" 12/ 4588. وأخرجه (خ) منْ حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فِي "بدء الخلق" 3320 و"الطبّ" 5782 (د) فِي "الأطعمة" 3844 (ق) فِي "الطبّ" 3505 (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" 7101 و7312 و7518 و8280 و8443 و8803 و8918 و9428 (الدارمي) فِي "الأطعمة" 2038. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان حكم الذباب إذا وقع فِي الإناء، وهو أنه لا يتنجّس، حيث أمر صلّى الله تعالى عليه وسلم بغمسه فيه. (ومنها): طهارة الذباب فِي حال حياته، ومماته. (ومنها): استحباب غمس كلّه فيما وقع فيه، ثم نزعه، وإخراجه، والانتفاع بما وقع فيه. (ومنها): أن فِي أحد جناحي الذباب دواءً، وفي الآخر شفاءً، وأنه يتّقي بجناحه الذي فيه الدواء؛ ولذلك أمر الشارع بغمسه كلّه، حَتَّى تحصل معالجة ذلك الداء بالداء الذي الذي فيه. (ومنها): أنه استُدِلَّ بِقَوْلِهِ: "ثُمَّ لِيَنْزِعهُ" عَلَى أنَّها تَنْجُس بِالموْتِ، كما هُو أصَحّ القوْلينِ لِلشَّافِعِي، والْقَوْل الآخَر، كقوْلِ أبِي حَنيفة، أنها لا تَنْجُس.
(ومنها): استُدِلَّ بِه عَلَى أن المَاء الْقَلِيل لا يَنْجُس بِوُقُوع ما لا نَفْس لهُ سَائِلة فِيهِ، وَوَجْه الاسْتِدْلال -كَمَا رواهُ البيهقِيُّ، عن الشَّافِعِيّ- أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم-، لا يأمُر بِغَمْسِ ما يُنَجِّس الْمَاء، إِذَا مَات فِيهِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ إِفْسَاد. وَقَالَ بَعْض منْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ: لا يَلْزَم منْ غَمْس الذُّباب موْته، فَقَدْ يغمِسهُ بِرِفْقٍ، فلا يمُوت، والحَيّ لا يُنجِّس ما يَقَع فِيهِ، كَمَا صَرَّحَ البَغَوِيُّ بِاسْتِبَاطِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيث. وَقَالَ أبُو الطَّيِّب الطَّبرِيُّ: لم يَقْصِد النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بِهَذا الْحَدِيث بَيَان النَّجَاسة والطَّهَارة، وإِنَّمَا قَصَد بَيَان التَّدَاوِي مِن ضَرَر الذُّبَاب، وَكَذا لمْ يَقْصِد بِالنَّهْى عن الصَّلاة فِي مَعَاطِن الإبِل، والإذْن فِي مَرَاح الغَنَم، طَهَارَة، وَلا نَجَاسَة، وإِنَّمَا أَشَار إِلَى أَنَّ الخُشُوع لا يُوجَد مَعَ الإبِل، دُون الغَنَم.
قَالَ الحافظ: وهُوَ كَلام صَحِيح، إِلَّا أنَّهُ لا يَمْنَع أن يُسْتَنْبَط مِنْهُ حُكْم آخَر، فَإِنَّ الْأَمْر بِغَمْسِهِ، يتَنَاول صُورًا، مِنْها أن يَغْمِسهُ مُحْترِزًا عن موْته، كَمَا هُو الْمُدَّعى هُنَا، وَأَنْ لا يَحْترِز بَلْ يَغْمِسهُ، سَوَاء مَاتَ، أَوْ لَمْ يمُتْ، وَيتَنَاوَل مَا لَوْ كَانَ الطَّعَام حارًّا، فإِنَّ الْغالِب أنَّهُ فِي هذِهِ الصُّورة يمُوت، بِخِلَافِ الطَّعَام البَارِد، فلمَّا لَمْ يَقَع التَّقْيِيدُ، حُمِلَ عَلَى