فيها الصوم، إلا لمن لم يصم الثلاثة الأيام فِي التمتّع؛ لصحة استثناء ذلك فِي حديث عائشة وابن عمر رضي الله تعالى عنهم (وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ") أي لأمر الله تعالى بذلك فِي قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} الآية (فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ) تقدم أنه منْ باب ضرب (عَتِيرَةً فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فِى رَجَبٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟) أي بأي شيء تأمرنا، هل نفعله، أو نتركه؟ (قَالَ) صلّى الله تعالى عليه وسلم (اذْبَحُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِى أَىِّ شَهْرٍ مَا كَانَ) "ما" زائدة للتأكيد: أي اذبحوا إن شئتم، واجعلوا الذبح لله عزّ وجلّ، فِي أيّ وقت كَانَ، فِي رَجَب أو غيره، وفيه أن الأمر للندب، لا للوجوب (وَبَرُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ) وفي نسخة: "وبرّوا لله" باللام، وهو بفتح الباء الموحّدة، أي أطيعوه، يقال: بَرّ الرجلُ يبَرُّ بِرّا، وزان علم يعلم علمًا، فهو بَرٌّ بالفتح، وبارّ أيضًا: أي صادق، أو تقيّ، وهو خلاف الفاجر، وجمع الأول أبرار، وجمع الثاني بَرَرَةٌ، مثلُ كافر وكفَرة. وبررتُ والدي أبَرّه بِرًّا، وبُرُورًا: أحسنت الطاعة إليه، ورَفَقتُ به، وتحرّيت محابه، وتوَقّيتُ مكارهه. أفاده الفيّوميّ (وَأَطْعِمُوا) أي الفقراء، والمساكين مما تذبحونه (فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نُفَرِّعُ) تقدّم أنه بضم أوّله منْ الإفراع، أو منْ التفريع (فَرَعًا) بفتحتين (فِى الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فِى كُلِّ سَائِمَةٍ) السائمة: هي كلّ إبل تُرسَلُ تَرْعَى، ولا تُعلَف، جمعها سوائم، يقال: سامت الراعية، والماشية، والغنم تسُوم سَوْمًا: رَعَت حيث شاءت، فهي سائمة، وَأَسَمْتُها، وسوّمتُها: أخرجتها إلى الرَّعْي، قَالَ الله تعالى: {فِيهِ تُسِيمُونَ}. أفاده فِي "اللسان" (مِنَ الْغَنَمِ فَرَعٌ) وَقَدْ ذكر فِي رواية أبي داود عن أبي قلابة تفسير السائمة، ولفظه: قَالَ خالد -أي الحذّاء- قلت لأبُي قِلابَة: كم السائمة؟، قَالَ: مِائة. وأخرج أبو داود أيضًا بإسناد صَحِيح عَن عَائِشة رَضِيَ الله عنها قَالَتْ: أمرنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم منْ كلّ خمسين شاةً شاةٌ. وأخرجه البيهقيّ بلفظ: "أَمَرَنَا رسُول الله -صلى الله عليه وسلم- بِالْفَرَعَةِ، منْ كُلّ خَمْسِينَ وَاحِدَة".
(تَغْذُوهُ) أي تعلفه (غَنَمُكَ) فاعل "تغذوه"، وذكر السنديّ ما معناه: أنه يحتمل أن يكون "تغذوه" للخطاب، و"غنَمَك" منصوب بتقدير "مثل غنمك، أو مع غنمك.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا الاحتمال فيه تكلّف، لا داعي إليه. فتنبّه. والله تعالى أعلم.
(حَتَّى إِذَا اسْتَحْمَلَ) بِالْحَاءِ المُهملة: أي قَوِيَ عَلَى الْحَمْل، وَصَار بِحيثُ يُحْمَل عَلَيْهِ. قالهُ الخَطَّابِيُّ. وبِالجيمِ: أيْ صَار جَملا. قَالهُ السُّيُوطِيُّ.
وفي رواية لأبي داود: "حَتَّى إذا استحمل للحجيج". وذكر السيوطيّ، والسنديّ أنه فِي بعض النسخ بلفظ "استجمل" بالجيم: أي صار جملًا، والمراد أن يكون كبيرًا (ذَبَحْتَهُ، وَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ عَلَى ابْنِ السَّبِيلِ) أي المسافر (فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ خَيْرٌ) أي تأخيره حَتَّى يكبر، ثم