مكان الدَّم خلُوقًا"، زاد أبُو الشَّيْخ: "وَنَهَى أنْ يُمَسّ رَأْس الْمَوْلُود بِدَم".
وأَخْرَجَ ابن مَاجَه، منْ رِواية أيُّوب بن مُوسي، عن يزِيد بنِ عبد الله المُزنِيِّ، أَنَّ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "يُعَقّ عن الغُلام، ولا يُمَسّ رأسه بِدَمِ"، وهذا مُرسل، فإِنَّ يزِيد لا صُحْبة لَهُ. وَقَدْ أَخْرجهُ البزَّار منْ هَذَا الْوَجْه، فَقَالَ: "عَنْ يزِيد بن عبد الله الْمُزَنِيِّ، عن أبِيهِ، عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-"، وَمَعَ ذَلِكَ، فقالُوا إِنَّه مُرْسَل. ولِأبِي دَاوُدَ، والْحَاكِم، مِنْ حَدِيث عبد الله بن بُرَيْدة، عن أبيهِ، قَالَ: "كُنَّا فِي الجَاهِلِيَّة"، فذكر نَحْو حدِيث عَائِشَة، ولم يُصَرِّح بِرفعِهِ، قَالَ: "فَلمَّا جَاء الله بِالإِسلامِ، كُنَّا نَذْبَح شَاة، ونَحْلِق رأْسه، ونُلطِّخهُ بِزَعْفرانِ"، وهذا شَاهِدٌ لِحدِيثِ عائِشة، ولِهذا كَرِه الجُمهُور التَّدْمِية. ونَقَلَ ابن حزم اسْتِحْبَاب التَّدْمِية، عن ابنِ عُمر، وَعَطَاء، ولَمْ ينقُل ابن المُنْذِر اسْتِحْبَابَهَا، إِلَّا عن الْحَسَنِ، وقتادة، بل عِند ابْنِ أبِي شيبة، بِسندٍ صحِيح، عن الْحَسَنِ، أنَّهُ كَرِه التَّدْمِية. ذكره في "الفتح" (?).
وَقَالَ الحافظ ابن عبد البرّ رحمه الله تعالى: ما حاصله: حجة منْ كره التدمية قول رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم فِي حديث سلمان بن عامر الضبّيّ رضي الله تعالى عنه: "وأميطوا عنه الأذى"، قَالَ: فكيف يجوز أن يؤمر بإماطة الأذى عنه، وأن يُحمل عَلَى رأسه الأذى. قَالَ: وقوله صلّى الله تعالى عليه وسلم: "أميطوا عنه الأذى ناسخ لما كَانَ عليه أهل الجاهليّة منْ تخضيب رأس الصبيّ بدم العقيقة. انتهى (?).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن ما ذهب إليه الجمهور منْ كراهة تدمية رأس الصبيّ هو الأرجح؛ لأن الراجح أن رواية "ويُدمّى" منْ وَهَم همّام بن يحيى العوذيّ، وإنما المحفوظ: "وَيُسَمَّى"، كما هو رواية الجمهور، وعلى تقدير صحة روايته، فإنها منسوخة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها المذكور آنفًا، وهو صحيح، وبحديث عبد الله بن بُريدة، عن أبيه، رضي الله تعالى عنه، قَالَ: "كنا فِي الجاهليّة إذا وُلد لأحدنا غلام ذبح شاةً، ولطخ رأسه بدمها، فلما جاء الله بالإِسلام، كنا نذبح شاةً، ونحلق رأسه، ونلطّخه بزعفران". رواه أبو داود، والطحاويّ، والحاكم، والبيهقيّ، وَقَالَ الحاكم: صحيح عَلَى شرط الشيخين، ووافقه الذهبيّ، وهو صحيح كما قَالَ، لكنه عَلَى شرط مسلم؛ لأن الحسين بن واقد لم يخرج له البخاريّ إلا تعليقًا. وعن يزيد ابن عبد المزنيّ، عن أبيه: أن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم قَالَ: "يُعقّ عن الغلام، ولا يُمسّ رأسه بدم". أخرجه الطبرانيّ، والطحاويّ، ورجاله ثقات، غير يزيد