المكثرين" 6465 و6754 و6776. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان ما يجب عَلَى منْ بايع الإِمام، وأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه، وذلك أن يوفّي بما التزمه منْ الطاعة ما استطاع، دمان جاء منْ ينازعه فِي خلافته، فليقاتله معه. (ومنها): بيان ما أوجب الله تعالى عَلَى أنبيائه تجاه أممهم، وهو إخلاص النصيحة لهم، فيدلّونهم، عَلَى ما هو خير لهم فِي معاشهم، ومعادهم، وينذرونهم عما هو شرّ لهم فِي دينهم، ودنياهم. (ومنها): ما كَانَ عليه النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم منْ الأسوة بمن قبله منْ الأنبياء، فِي بيان الخير والشر لأمته، فلم يبق شيء منهما إلا بيّنه لها، ومن ذلك ما ذكره فِي هَذَا الحديث، مما سيحدث بعده منْ الفتن المتتابعة، والبلايا المتناسقة، بحيث تدع الحليم حيران، والعاقل سكران. (ومنها): أن سبب النجاة منْ النار، ودخول الجنّة التمسّك بالإيمان بالله، وباليوم الآخر إلى أن يأتيه الأجل. (ومنها): ما قاله النوويّ رحمه الله تعالى، عند قوله: "وليأت إلى الناس الخ": ما نصّه: هَذَا منْ جوامع كلمه صلّى الله تعالى عليه وسلم، وبديع حِكَمه، وهذه قاعدةٌ مهمةٌ، فينبغي الاعتناء بها، وأن الإنسان يلزمه أن لا يفعل مع الناس، إلا ما يُحبّ أن يفعلوه معه.
(ومنها): ما قاله القرطبيّ: إن قوله: "ومن بايع إمامًا، فأعطاه صفقة يده، وثمرة فؤاده" يدل عَلَى أن البيعة لا يُكتفى فيها بمجرد عقد اللسان فقط، بل لابدّ منْ الضرب باليد، كما قَالَ تعالى: {نَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10]، ولكن ذلك للرجال فقط، ولابد منْ التزام البيعة بالقلب، وترك الغشّ، والخديعة، فإنها منْ أعظم العبادات، فلابد فيها منْ النيّة والنصيحة. انتهى (?).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "بل لابدّ منْ الضرب باليد"، فيه نظرٌ، لا يخفى، فإن الحديث لا يدلّ عَلَى هَذَا، بل غاية ما فيه إيجاب الطاعة لمن بايع عَلَى هذه الصفة، وهذا لا ينفي جواز البيعة باللسان فقط، دون الضرب باليد، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
(ومنها): أن فِي قول عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما: "أطعه فِي طاعة الله الخ" دليلٌ عَلَى وجوب طاعة المتولّين للإمامة بالقهر، منْ غير إجماع، ولا عهد. قاله النوويّ.