قَالَ الزجّاج محتجًا لمالك: قَالَ الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [البقرة: 215]، وللرجل جائز بالإجماع أن يُنفق فِي غير هذه الأصناف إذا رأى ذلك. وقد تقدّم عند النسائيّ، قول عطاء: خمس الله، وخمس رسوله واحد، كان رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلم يَحمل منه، ويُعطي منه، ويضعه حيث شاء، ويصنع به ما شاء. ذكره القرطبيّ فِي "تفسيره" (?).
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: أرجح الأقوال عندي هو ما ذهب إليه الإِمام مالك رحمه الله تعالى؛ لأنه الذي كان هدي النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، وسيرته عليه، واقتدى به فِي ذلك الخلفاء الراشدون، كما تقدّم فِي كلام ابن القيم رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
...
وفي "الهنديّة": "كتاب البيعة منْ "المجتبى".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: مناسبة هذا الكتاب لما قبله أن قسم الفيء، يحتاج إلى منْ يقوم به، وهو الإِمام، فيكون نصب إمام يكون مرجع أمور المسلمين، منْ جهاد، وصلح مع الكفّار، وغير ذلك إليه، واجبًا عليهم، وهذا لا يكون إلا بمبايعة منْ هو أهل لذلك، ممن يستحقّ أن يكون واليًا عَلَى المسلمين. والله تعالى أعلم.
و"البيعة" بفتح، فسكون-: فِي الأصل الصَّفقة عَلَى إيجاب البيع، وجمعها بَيْعَات بالسكون-، وتحُرك فِي لغة هُذيل، وهو عَلَى خلاف القياس؛ لأن القاعدة أن قياس فَعْلَة بفتح الفاء، وسكون العين- عَلَى فَعْلات، ساكن العين أيضًا، إن كان معتلّ العين، نحو: {فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} [الشورى: 22]، و {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} [النور: 58]، هذا لغة عامة العرب، وتفتحها هُذيل إتباعًا للفاء (?).