قال المنذريّ: وهذا منقطع، الزهريّ لم يسمع من عمر. انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لكن تقدّم عند ابن جرير متصلاً من رواية عكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس، فهو صحيح. واللَّه تعالى أعلم.
(وَلِيَهَا) بفتح الواو، وكسر اللام، أي تولى شأنها، ويحتمل أن يكون بتشديد اللام، مبنيا للمفعول، أي ولّاه اللَّه، وأعطاه إياها، والضمير المنصوب للأموال التي كانا يختصمان فيها، وهي أموال بني النضير، ففي رواية البخاريّ السابقة: "وهما يختصمان فيما أفاء اللَّه على رسوله من مال بني النضير" (رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَأَخَذَ مِنْهَا قُوتَ أَهْلِهِ) وفي رواية عمرو بن دينار، عن ابن شهاب عند البخاريّ في "التفسير": كانت أموال بني النضير مما أفاء اللَّه على رسوله، فكانت خالصةً، وكان يُنفق على أهله منها نفقة سنة، ثم يجعل ما بقي في السلاح، والكراع، عُدّةً في سبيل اللَّه". وفي رواية سفيان، عن معمر، عن الزهريّ عنده في "النفقات": "كان النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - يبيع نخل بني النضير، ويَحبس لأهله قوت سنتهم". أي ثمر النخل. وفي رواية أبي داود من طريق أُسامة بن زيد، عن ابن شهاب: "كانت لرسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - ثلاث صَفَايَا: بنو النضير، وخيبر، وفَدَك، فأما بنو النضير، فكانت حَبْسًا لنوائبه، وأما فدك، فكانت حبسًا لابناء السبيل، وأما خيبر فجزأها بين المسلمين، ثم قسم جزءًا لنفقة أهله، وما فضل منه جعله في فقراء المهاجرين".
قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ولا تعارض بينهما؛ لاحتمال أن يقسم في فقراء المهاجرين، وفي مشترى السلاح والكراع، وذلك مفسّرٌ لرواية معمر عند مسلم: "ويجعل ما بقي منه مَجْعل مال اللَّه". وزاد أبو داود في رواية أبي البختري: "وكان يُنفق على أهله، ويتصدّق بفضله"، وهذا لا يعارض حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: "أنه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - توفّي، ودرعه مرهونة على شعير"؛ لأنه يُجمع بينهما بأنه كان يدّخر لأهله قوت سنتهم، ثم في طول السنة يحتاج لمن يطرُقه إلى إخراج شيء منه، فيُخرجه، فيحتاج إلى أن يعوّض من يأخذ منها عوضه، فلذلك استدان. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (?). وهو كلام نفيسٌ.
(وَجَعَلَ سَائِرَهُ) أي ما بقي منه (سَبِيلَهُ) بالنصب بدل مما قبله، أي طريقه (سَبِيلَ الْمَالِ) بالنصب أيضًا على أنه مفعول ثان لـ " جعل" , يعني أنه يجعل ما فضل عن قوت أهله كسائر مال الصدقة، يصرفه في مصالح المسلمين، وهو بمعنى رواية مسلم