أخذ العلم بالمكاتبة، والمراسلة. (ومنها): إفتاء العالم لأهل البدع إذا كان فيه مصلحة، أو خاف مفسدة، لولم يُفتِهِم، فإن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - قال: "فلولا أن يقع في أُحموقة ما كتبت إليه " (ومنها): حلّ الغنائم. (ومنها): أن لقربى رسول اللَّه - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - سهمًا خاصًا بهم، يستحقّونه، وهو خمس الخمس، كما قال ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هنا، وبهذا قال الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى-، وسيأتي تحقيق الخلاف في ذلك، إن شاء اللَّه تعالى. وذوو القربى هم عند الشافعيّ، والأكثرين بنو هاشم، وبنو المطّلب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيلِ.
4136 - (أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ -وَهُوَ ابْنُ هَارُونَ- قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ, قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى, لِمَنْ هُوَ؟ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هُرْمُزَ: وَأَنَا كَتَبْتُ كِتَابَ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى نَجْدَةَ, كَتَبْتُ إِلَيْهِ, كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى, لِمَنْ هُوَ؟ وَهُوَ لَنَا, أَهْلَ الْبَيْتِ, وَقَدْ كَانَ عُمَرُ, دَعَانَا إِلَى أَنْ يُنْكِحَ مِنْهُ أَيِّمَنَا, وَيُحْذِىَ مِنْهُ عَائِلَنَا, وَيَقْضِيَ مِنْهُ عَنْ غَارِمِنَا, فَأَبَيْنَا إِلاَّ أَنْ يُسَلِّمَهُ لَنَا, وَأَبَى ذَلِكَ, فَتَرَكْنَاهُ عَلَيْهِ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة. و"عمرو بن عليّ": هو الفلاّس البصريّ الحافظ الثبت [10]. و"يزيد بن هارون": هو أبو خالد الواسطيّ الثقة الحافظ العابد [9]. و، محمد بن إسحاق": هو أبو بكر المطّلبيّ مولاهم المدنيّ، إمام المغازي، صدوقٌ يُدلّس، من صغار [5]. و"محمد بن عليّ": هو أبوجعفر الباقر المدنيّ، ثقة فاضل [4].
وقوله: "ومحمد بن عليّ " بالجرّ عطفًا على "الزهريّ"، فابن إسحاق يروي عن كلٍّ من الزهريّ ومحمد بن عليّ. واللَّه تعالى أعلم.
وقوله: "كتبت إليه كتبت الخ" الأول بضمّ التاء؛ لأنه ضمير للمتكلّم، وهو يزيد، والثاني بفتحها؛ لأنه ضمير للمخاطب، وهو نجدة، والمعنى أن يزيد بن هُرمز كتب إلى نجدة بأمر ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - كتابًا، نصُّهُ: "كتبت تسألني الخ".
وقوله: "أن يُنكح" بضمّ أوله، من الإنكاح. وقوله: "أيّمنا" -بفتح الهمزة، وتشديد التحتانيّة اللَّهُمَّ: قال الفيّوميّ: الأَيَم: الْعَزَبُ، رجلاً كان، أو امرأةً، قال الصغانيّ: وسواءٌ تزوّج من قبلُ، أو لم يتزوّج، فيُقال: رجلٌ أيّمٌ، وامرأةٌ أيمٌ، قال الشاعر [من الطويل]:
فَأُبْنَا وَقَدْ آبَتْ نِسَاءٌ كَثِيرَةٌ ... وَنِسَاءُ سَعْدٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أَيِّمُ
وقال ابْنِ السّكّيت أيضًا: فلانةٌ أَيّمٌ، إذا لم يكن لها زوجٌ، بكرًا كانت، أو ثيّبًا، ويقال أيضًا أَيِّمَةٌ للأنثى. انتهى.